مازال الدخول المدرسي الجديد يحمل بصمات الارتباك، لكن هذه المرة المشهد انتقل من الأقسام إلى قاعات التكوين. أزيد من ألف أستاذ وأستاذة في مراكش وجدوا أنفسهم أمام ظروف وُصفت بالمهينة: تأخر في الوجبات، بعضها غير صالح للاستهلاك، واكتظاظ خانق داخل القاعات، فكان الرد الطبيعي مقاطعة جماعية للتكوين في اليوم الموالي، وكأن الجسم التعليمي يعلن أن كرامته ليست وجبة إضافية على هامش الصفقات.
كشفت مصادر إعلامية أن الفضيحة لم تقف عند سوء التنظيم، بل امتدت إلى عمق أخطر: سؤال الصفقات العمومية المرتبطة بالتغذية والخدمات.
كيف يعقل أن يتم صرف الملايين على ورشات التكوين، بينما الأساتذة يتلقون ما يشبه دروساً في الإهانة؟ وهل الأمر مجرد ارتجال، أم أننا أمام “كعكة” جديدة تتقاسمها شركات توريد دون احترام معايير الجودة؟
الهيئة الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم اعتبرت أن كرامة الأستاذ خط أحمر، فيما دعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش إلى فتح تحقيق شفاف يكشف المسؤوليات.
لكن السؤال الأعمق يبقى: من يحاسب من؟ إذا كان القطاع يعيش أصلاً على وقع الاختلالات البنيوية، فكيف ننتظر أن تنتج التكوينات غير المرتبة إصلاحاً مرتّباً؟
المشهد برمته يفضح تناقضاً صارخاً: خطاب رسمي يتحدث عن “إصلاح التعليم” و”مدارس الريادة”، بينما الواقع يقدّم نموذجاً لتكوين فاقد للشروط البسيطة للكرامة.
هنا يصبح السؤال أكثر لذعاً: هل نحن أمام مشروع تربوي، أم أمام حلقة جديدة من مسلسل الصفقات التي تلتهم المال العام وتترك للفاعلين التربويين “فتاتاً” على شكل وجبة باردة؟