وسط ضجيج الوعود الرسمية بحماية القدرة الشرائية، تفجّرت أزمة جديدة من ميناء الدار البيضاء، حيث جرى احتجاز ثلاث بواخر محمّلة بآلاف العجول البرازيلية والإسبانية بدعوى إلزامها بأداء الضريبة على القيمة المضافة.
خطوة صادمة، لأن التوقعات كانت تشير إلى استمرار الحكومة في منح الإعفاءات المزدوجة (جمركية وضريبية) لخفض الأسعار، غير أن المفاجأة جاءت معاكسة: إعفاء جمركي فقط، وضريبة TVA ثقيلة بنسبة 22,5 في المئة.

كشفت مصادر مهنية أن الكلفة الإجمالية لهذه الضريبة تقارب ملياراً ونصف المليار سنتيم على شحنة تتراوح ما بين سبعة إلى ثمانية آلاف رأس من العجول.
وبحساب السوق، يعني ذلك ارتفاع ثمن الكيلوغرام من اللحم البرازيلي بعشر دراهم، والإسباني بخمسة عشر درهماً عند الجملة. أما النتيجة النهائية فهي أكثر قسوة: المواطن هو الحلقة الأضعف التي ستتحمل كامل الفارق، لتقفز أسعار التجزئة بزيادات أكبر بكثير.

المفارقة أن الحكومة ترفع شعار “حماية القدرة الشرائية”، لكنها عملياً تحوّل المستورد إلى وسيط ضرائب وتترك المواطن في مواجهة الزيادة المباشرة.
فالمستوردون أوضحوا أن لا خيار أمامهم سوى تمرير الكلفة إلى السوق، ما يعني أن لا الدولة تخسر ولا المستورد يخسر، بل المواطن وحده من يدفع الثمن.

الأخطر أن القرار يأتي في توقيت حرج: قبيل موسم يرتفع فيه الطلب على اللحوم، وفي ظل موجات غلاء طالت معظم المواد الأساسية. ومع ذلك، يظل الصمت الرسمي سيد الموقف، لتبقى الأسئلة معلقة: هل الضريبة استثنائية مرتبطة بالميزانية، أم توجّه دائم سيُرسِّخ أسعاراً جديدة؟

في النهاية، ليست القضية مجرد تقنية مالية كما تحاول الحكومة تصويرها، بل سياسية بامتياز. لأن الإعفاء الجمركي دون إعفاء ضريبي يكشف فلسفة التدبير الحالية: الدولة تجبي، المستورد يمرّر، والمواطن يُذبح.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version