يدخل يوم الأربعاء 24 شتنبر 2025 القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب حيّز التنفيذ، بعد ستة أشهر من نشره في الجريدة الرسمية.
نص تشريعي يُقدَّم باعتباره سابقة في تاريخ التشريع المغربي، لأنه أول إطار قانوني مفصل يضع حدوداً واضحة لممارسة حق ظل لسنوات طويلة محكوماً بالمقتضيات الدستورية العامة.

القانون الجديد يرسم مسطرة دقيقة لأي إضراب، من تحديد الجهة المخولة للدعوة إليه، إلى آجال الإخطار التي تصل إلى 45 يوماً في الحالات الوطنية، مروراً بضرورة التصالح قبل أي خطوة، وصولاً إلى إلزامية احترام “الحد الأدنى من الخدمات” ومنح السلطات حق اللجوء إلى القضاء لإيقاف أي حركة احتجاجية قد تُعتبر ماسّة بالأمن أو بالصحة العامة.
كما وسّع دائرة المشمولين به لتشمل فئات جديدة كالمهنيين والمستقلين والمتقاعدين، مع استثناء قطاعات بعينها مثل الدفاع الوطني وأعوان السلطة وضباط الشرطة القضائية.

ورغم ما يوصف بالخطوة “التاريخية”، فإن صورة البرلمان لحظة المصادقة تختزل الكثير من المفارقات: 84 نائباً صوّتوا لصالح النص، 20 عارضوه، بينما غاب 291 نائباً عن جلسة يفترض أنها تُحدد ملامح أحد الحقوق الأساسية في البلاد.
مشهد يكشف أن ما يُسمى “تنظيم الإضراب” لم يحظَ حتى باهتمام ممثلي الأمة، ومع ذلك صار قانوناً ملزماً.

الأكثر إثارة أن هذا الإطار القانوني يدخل حيّز التنفيذ في زمن يرفع فيه المغاربة شعارات الصحة والكرامة.
المستشفيات تغصّ بالأزمات، أقسام الطوارئ تنهار، والدواء مفقود في كثير من الحالات، لكن الأولوية لدى السلطة لم تكن إصلاح المنظومة الصحية، بل ضبط أدوات الاحتجاج على فشلها.
وهنا يتجلى جوهر المفارقة: الدولة تسارع إلى تقنين الصرخة قبل أن تسارع إلى الاستماع إليها.

القانون سيصبح من هذا الأسبوع المرجع الوحيد لممارسة حق الإضراب، غير أن الأسئلة تظل مفتوحة: هل يحتاج المواطن إلى مساطر إضافية تنظّم صوته، أم إلى أقسام إنعاش تحفظ حياته؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version