لا شيء أبلغ من دموع طفلة صغيرة اسمها نعمة لتفضح عجز الحكومة وتُسقط ورقة التوت عن المنظومة الصحية في المغرب.
هذه الطفلة التي كان يفترض أن تعيش طفولتها في لعب ودراسة، صارت منذ خمس سنوات أسيرة ورم دماغي وإهمال طبي وقضائي حول حياتها إلى مأساة بلا نهاية.
الأب، إسماعيل بنعدي، لم يعد يجد أمامه إلا باب جلالة الملك محمد السادس ليستنجد به وينقذ فلذة كبده.
بعد أن جرب كل شيء: مستشفيات بأقسام مغلقة وأطباء يتقاذفون التشخيصات، محاكم لا تُنصف المظلوم بل تزيد من معاناته، ووزيراً يوزع الوعود في الهواء ثم يختفي.
حين يطرد طبيب طفلة من المستعجلات بحجة غياب السكانير، فذلك ليس مجرد خطأ طبي، بل جريمة مكتملة الأركان.
وحين يتعهد وزير الصحة للأب بالتكفل، ثم يتركه وحيداً يطرق الأبواب، فذلك قمة الاستخفاف بآلام المواطنين.
الحكومة التي تصرف الملايير على المهرجانات والصفقات، تعجز عن إنقاذ حياة طفلة صغيرة. أي عبث هذا؟
لم يتوقف الجحيم عند حدود المستشفى الأب الذي طرق باب القضاء باحثاً عن إنصاف، صدمته محكمة قلبت الحقائق وألزمته بدفع تعويض مالي، وكأن الضحية هو الجلاد. في أي دولة يُعاقب من يطالب بحق ابنته في الحياة؟
في لحظة يأس، رفع الأب صرخته إلى جلالة الملك: “أنقذوا ابنتي يا جلالة الملك”.
لم يعد أمامه سوى الثقة في التدخل الملكي، بعدما خذلته كل مؤسسات الدولة الأب يعيش أزمة مادية خانقة، والطفلة تعيش مع ورم دماغي ينهش جسدها، فيما الحكومة منشغلة بخطابات “الإنجازات” التي تذوب أمام دمعة واحدة من نعمة.
ليست نعمة مجرد حالة فردية، بل مرآة لوطن مريض. وطن يُنفق على الحملات الانتخابية والصفقات الكبرى، لكنه يعجز عن توفير حق أساسي اسمه “العلاج”.
وطن يُحوّل المرضى إلى متسولين على أبواب القصور، بدل أن يضمن لهم الرعاية في مستشفياته.