زلزال الحوز لم يكن مجرد كارثة طبيعية كان امتحانًا للدولة، وللحكومة، وللخطاب الذي يتغنّى به الدستور حول “المسؤولية والمحاسبة”.
عامان مرّا، والأرقام الرسمية تقول إن 120 مليار درهم خُصصت لإعادة الإعمار. لكن الواقع يقول شيئًا آخر: آلاف الأسر ما تزال اليوم تعيش بين خيمة بالية وجدران مهدّمة.

كشفت مصادر إعلامية أن 120 مليار لم تتحوّل بعد إلى سكن كريم، ولا إلى مدارس أو مستوصفات أو طرق.
الرقم بقي يتيمًا في البلاغات الحكومية، يتردّد في خطابات الوزراء أكثر مما يُترجَم على الأرض.
السؤال الذي يطرحه المواطن بصراحة: فين مشات 120 مليار؟

الفصل 31 من الدستور يضمن الحق في السكن اللائق، والفصل الأول يربط المسؤولية بالمحاسبة.
لكن، حين ترى ساكنة الحوز ما زالت تنتظر بيتًا يقيها برد الجبال وحرّ الصيف، تدرك أن النصوص شيء، والواقع شيء آخر.

120 مليار درهم تكفي لبناء قرى كاملة بمواصفات عصرية، تكفي لتحويل جبال الحوز إلى “قرى سويسرية صغيرة”، كما يقول بعض الغاضبين. لكن، في غياب الشفافية، تحوّل المبلغ إلى لغز مفتوح: هل صُرف أصلًا؟ وإن صُرف، فمن المستفيد؟ وأين المحاسبة؟

هنا يبرز اسم فوزي لقجع، الوزير المكلّف بالميزانية، الذي يعرف تفاصيل الصندوق درهمًا بدرهم.
الرأي العام ينتظر منه جوابًا مباشرًا: ليس جملة فضفاضة، بل كشفًا دقيقًا يوضح كم جُمع، كم صُرف، وفي أي المشاريع. لأن المال العام ليس ملكًا للوزراء ولا للحكومة، بل حق للمواطن الذي دفع الضريبة ووهب التبرعات.

المحاسبة ليست خيارًا سياسياً، بل واجب دستوري والسكوت عن 120 مليار هو جريمة صامتة في حق الضحايا الذين يبيتون في خيام.
التاريخ سيسجل أن الحوز لم ينهَكه الزلزال وحده، بل أثقل كاهله أيضًا غياب الشفافية.

اليوم، أهالي الحوز لا يطالبون بمشاريع كبرى ولا بمدن ذكية. مطلبهم بسيط ومشروع: مفتاح بيت يحفظ الكرامة. فإذا كان 120 مليار عاجزة عن توفير هذا الحق البديهي، فماذا يبقى من شعارات “التنمية” و”الإنصاف المجالي”؟

إن ما بعد زلزال الحوز لن يُقاس بعدد الخيام ولا بقيمة التبرعات، بل بمدى احترام الدولة لوعودها، وبقدرتها على تفعيل الدستور فعليًا: ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وإلا فإن 120 مليار ستظل شاهدًا آخر على الهوة بين الأرقام الرسمية ووجع الناس.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version