لم تعد لغة السياسة في المغرب حبيسة البرامج الحكومية والشعارات الانتخابية، بل انزلقت إلى قاموس غير مسبوق.
آخر المشاهد جاءت على لسان النائبة البرلمانية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ياسمين لمغور، التي اختارت أن تصف منتقدي الممثل بن عيسى الجراري بـ”رباعة الجراثيم والمرضى وباردين الكتاف مزابل مواقع التواصل الاجتماعي”.

كشفت مصادر إعلامية أن التدوينة التي نشرتها لمغور على صفحتها بـ”فايسبوك” خلّفت صدمة لدى متابعين، ليس بسبب تضامنها مع فنان اختار الانتماء لحزب سياسي، ولكن بسبب المستوى اللغوي الذي نزلت إليه، وهي التي تمثل مؤسسة يفترض فيها أن تعكس صورة النقاش الراقي لا ثقافة السب والشتم.

المفارقة الصارخة أن البرلمانية نفسها تحدّثت عن “قيم الاحترام والتقدير وقبول الاختلاف”، قبل أن تُغرق خطابها في عبارات “الانحطاط والدناءة” و”الجراثيم”، وكأن السياسة تحوّلت إلى مختبر للأوبئة أكثر منها فضاءً للتداول الديمقراطي.

النائبة شددت على أن “الفنانين والمثقفين مواطنون فاعلون في بناء الوطن”، لكن سؤال اللحظة يظل معلقاً: هل يُبنى الوطن بلغة الإقصاء والتخوين؟ وهل يمكن لحزب يتبجح بالدفاع عن الحريات الفردية أن يقبل بأن يصف خصومه السياسيين بـ”المزابل”؟

في النهاية، ما يثير الاستغراب ليس تضامن حزب مع فنان اختار الاصطفاف إلى جانبه، بل إصراره على تحويل كل انتقاد إلى مؤامرة شخصية، والردّ عليه بلغة الشارع.

فهل فعلاً وصل النقاش العمومي إلى هذه الدرجة من التبخيس، حيث تصبح “الجراثيم” جزءاً من القاموس البرلماني؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version