ليلة العراء في بوعروس بتاونات لم تكن حادثة عابرة، بل صورة دامغة عن واقع مغرب الهشاشة.
مواطنون خرجوا طلباً لحق بسيط: الماء والكرامة.
فكان جواب الحكومة منعهم من المسير إلى فاس، وتركهم يواجهون الليل بأرض قاسية وسماء باردة.
أي دولة هذه التي تتباهى بملايير الأرقام وتترك مواطنيها ينامون في العراء؟ أي حكومة هذه التي ترفع شعار “الدولة الاجتماعية” بينما تقطع الطريق أمام عطشى يبحثون عن الحياة؟
المشهد كان أبلغ من كل الإحصائيات المعلّبة: قوافل من البشر يطلبون الماء، فترد عليهم السلطة بالمنع.
والنتيجة؟ عراء مفتوح يفضح كل وهم تبيعه خطابات رسمية مليئة بالأرقام الفلكية.
المفارقة الصادمة أن الوزراء يتبارون في المنصات للترويج لمشاريع عملاقة وصناديق بالمليارات، بينما القرى لا تجد سوى الانتظار والخذلان.
في بوعروس، لا مشاريع ولا صناديق: فقط مواطنون على الأرض، يغطون وجوههم بسماء مثقوبة.
ليست بوعروس الاستثناء، بل هي عنوان لمغرب بسرعتين: مغرب الصفقات والبذخ، ومغرب العطش والمبيت في العراء. وعندما يصبح الحق في الماء معركة، وحين تُستبدل الكرامة بالمنع، فإن الحقيقة واحدة: الحكومة لم تفشل فقط، بل تحوّلت إلى سوق أوهام تبيع أرقاماً بلا معنى.
الحكومة التي لا تسقي مواطنيها لا يحق لها أن تتباهى بإنجازات وهمية.
والمبيت في العراء سيبقى وصمة عار تلاحقها مهما زيّنت خطابها بالأرقام.