كشفت مصادر إعلامية أنّ أصواتاً داخل مجلس جماعة طنجة أعادت إلى الواجهة ملفاً غامضاً ظلّ لعقود طي الكتمان، ويتعلق بأموال تركها النبيل الإسباني إغناسيو فيغيرووا يبيرميخيو، المعروف بلقب “دوق ذي طوفار”، الذي أوصى قبل وفاته سنة 1953 بتحويل جميع ممتلكاته وأمواله إلى مدينة طنجة، كي تُصرف في مشاريع تنموية لفائدة سكانها.

الوصية شملت عقارات بارزة، من بينها أراضٍ أقيم فوقها لاحقاً المستشفى الجهوي محمد الخامس، إضافة إلى مساهمات في شركات دولية وحصص في شركة نفط برازيلية.
غير أنّ ما كان يفترض أن يكون نموذجاً فريداً في المسؤولية الاجتماعية، تحوّل إلى صندوق أسود يكتنفه الغموض، بعدما ظلت التحويلات المالية تصل إلى حساب الجماعة عبر بنك المغرب دون أن تُقدم أي تقارير دقيقة حول مآلها، خصوصاً قبل سنة 2003.

منتخبون محليون لم يترددوا في وصف الملف بأنّه جرح مفتوح في ذاكرة المدينة، مؤكدين أنّ غياب الجرد الشامل والشفافية يثير شبهات قوية حول استفادة جهات بعينها من هذه الأموال، وتحويلها إلى رصيد شخصي مكّن بعض الرؤساء السابقين من الصعود بسرعة إلى مصاف أثرياء طنجة.
المستشار الجماعي حسن بلخيضر كشف أنّ الجماعة ظلت، منذ سبعينيات القرن الماضي، تتوصل بتحويلات مالية من بيع ممتلكات وهِبات مرتبطة بالوصية، لكنّ جزءاً مهماً منها اختفى في ظروف غامضة لم تُكشف للرأي العام.

ورغم إدراج بعض الموارد لاحقاً في ميزانيات الاستثمار، من بينها صفقة بيع شقة بإسبانيا بمليوني أورو، فإنّ حجم الأموال يفوق بكثير ما أُعلن عنه.
وفي ظل صمت المسؤولين الحاليين، يبقى السؤال مطروحاً حول من استفاد فعلاً من إرث دوق ذي طوفار، وكيف تحوّلت وصية نبيل أجنبي إلى مصدر ثروة خاصة بدل أن تكون رافعة للتنمية المحلية.

القضية اليوم تتجاوز حدود طنجة، لتطرح إشكاليات أوسع عن غياب آليات المراقبة وضعف الحكامة في تدبير المال العمومي. وبين وصية موثقة عمرها أكثر من سبعين عاماً وصمت جماعي ما زال مستمراً، تظل الحقيقة غائبة عن سكان المدينة الذين وُهبت لهم هذه التركة، فيما الصندوق الأسود لأموال طنجة ينتظر من يجرؤ على فتحه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version