الجواهري يرفع البطاقة الحمراء: لا انتخابات على حساب جيوب المغاربة
في خضم التحضير لسنة انتخابية ساخنة، خرج عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، بإنذار غير معتاد: أي انزلاق مالي سيكون ثمنه غالياً على القدرة الشرائية والاستقرار الاقتصادي.
الجواهري، الذي نادراً ما يوجّه خطابات مباشرة للطبقة السياسية، وضع خطاً أحمر: “الانضباط المالي فوق الحسابات الانتخابية”.
وخلال ندوة صحفية بالرباط يوم 23 شتنبر 2025، شدّد الجواهري على أن المغرب لا يملك ترف المزايدات، وأن الالتزامات مع صندوق النقد الدولي خط الائتمان المرن بقيمة 3.5 مليار دولار تفرض قواعد صارمة: عجز لا يتجاوز 4 في المئة، ومديونية تنزل تحت 65 في المئة، حتى لو كانت البلاد وسط معركة انتخابية.
كشفت مصادر إعلامية أن بعثة صندوق النقد بدأت تقييم المؤشرات الاقتصادية، في رسالة واضحة أن العين الدولية تراقب كل خطوة مالية، وأن السيولة المتاحة لن تُستعمل إلا بثمن واحد: احترام الانضباط.
ما قاله الجواهري ليس مجرد تحذير تقني. بل هو صفعة سياسية للأحزاب التي تتعامل مع المالية العمومية كصندوق انتخابي، توزع منه وعوداً ومناصب وتخفيضات ضريبية بلا حساب. الرسالة المفخخة أن الشعب لن يدفع ثمن شعبوية الصناديق، وأن “الخبز اليوم” لا يمكن أن يتحول إلى ديون الغد.
في خلفية هذا الخطاب، يظهر تناقض صارخ: حكومة تتحرك بمنطق الأجندة الحزبية القصيرة، في مقابل مؤسسات مالية دولية تفرض أجندة الانضباط الطويل. بين الطرفين يقف المواطن البسيط، الذي يدفع ثمن التضخم وغلاء المعيشة.
الجواهري، بلغة ديبلوماسية صارمة، قال ما لا يجرؤ السياسيون على قوله: من يريد الأصوات فليبحث عنها في البرامج، لا في ميزانية الدولة.