مرة أخرى، تلجأ الحكومة إلى وصفة قديمة: جرعة من الطمأنة لتسكين المخاوف، ثم ترك الباب مفتوحًا لكل الاحتمالات.
فقرار نقل تدبير التأمين الإجباري عن المرض للموظفين من “كنوبس” إلى “CNSS” تحوّل من مجرد إجراء إداري إلى قضية رأي عام، بعدما تسلّل الشك إلى عقول الموظفين: هل ستبقى مكتسباتهم كما هي فعلاً؟
وزيرة المالية، نادية فتاح، حرصت على التأكيد أن “النظامين مستقلان”، وأن نسب الاشتراك والتغطية لن تتغير.
لكن الخطاب الرسمي بدا وكأنه يجيب على نصف السؤال فقط. فالمغاربة اعتادوا أن تبدأ الإصلاحات باسم “التجميع” و”النجاعة”، ثم لا يلبثون أن يكتشفوا أن الكلفة الحقيقية تُدفع من جيوبهم.
الخلفية السياسية أوضح من أن تُخفى: منذ خطاب الملك سنة 2020 والقانون الإطار 09.21، والحديث عن “هيئة موحدة للحماية الاجتماعية” يتكرّر.
اليوم، كل الأنظمة من القطاع الخاص إلى غير الأجراء و”آمو تضامن” صارت تحت يد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتحاق موظفي القطاع العام ليس سوى الحلقة الأخيرة في مسلسل “التمركز”.
السؤال الذي يرفض أن يغادر الواجهة: هل نحن أمام عملية تنظيمية تقنية، أم أمام بداية تفكيك تدريجي لمكتسبات قطاع ظلّ يفتخر بأنه محميّ بخصوصية تعاضدية؟
بين الطمأنة الرسمية والقلق الشعبي، يظهر أن الدولة تراهن على عامل الوقت: حين يعتاد الموظف على الصيغة الجديدة، يصبح من السهل تمرير تعديلات أعمق مستقبلاً. الطمأنة إذن قد لا تكون سوى هدنة قصيرة، بينما اللعبة الحقيقية تُحاك في الكواليس.