في قلب الرباط، يتسارع إيقاع الأشغال نحو الانتهاء من ملعب هوكي على الجليد، تحفة معمارية بلغت كلفتها 28 مليار سنتيم، في بلد لا يعرف هذه الرياضة إلا من شاشات التلفاز.
المشروع، الذي بُني فوق عقار تُقدّر قيمته بالمليارات، يُنتظر أن يُدشَّن خلال أسابيع قليلة، في مشهد يختزل مفارقة صارخة بين رمزية المعمار وواقع المعاش.

لكن خلف الواجهة البراقة يطلّ مشروع آخر يثقل العاصمة: سوق الجملة الجديد بعكراش، الذي ابتلع 60 مليار سنتيم وما زال غارقاً في سوء التقدير ومشاكل الموقع.
المفارقة أن افتتاح الملعب قد يتعطل بسبب السوق القديم المتهالك المحاذي له، والذي كان يفترض أن يُهدم قبل التدشين.

الهندسة الحضرية لم تسعف المشروع أيضاً؛ فالمحاور الطرقية باتت أشبه بمتاهة، حيث الشاحنات الثقيلة تتزاحم بين تمارة وسلا عبر منافذ خانقة.
مصادر مطلعة تتحدث عن سيناريوهات متلاحقة لتفادي الاختناق المروري، لكن لا شيء يضمن أن تنجح هذه “المعالجات الترقيعية” في إنقاذ الوضع.

وإذا كانت السوق الجديدة قد رُصدت لها 600 مليون درهم فوق مساحة 25 هكتاراً، فإنها إلى اليوم بلا موعد محدد للافتتاح.

المجلس الجماعي وجد نفسه في ورطة قانونية بعد أن أسقط مداخيل السوق القديم من الميزانية، بينما ما يزال الأخير يشتغل وسط حديث عن فوضى في التصريح بالكميات والنوعية، بما يشكّل صورة صريحة عن ارتباك التدبير وضعف الرؤية.

هكذا، تبدو العاصمة وكأنها تعيش على إيقاع صورتين متناقضتين: ملعب جليدي حديث يرمز إلى “ترف معماري” لا يعكس أولويات الناس، وسوق جملة مترنح يُجسد ارتباك القرار في أبسط قضايا المعاش. وبينهما يظل السؤال معلقاً: أيُّ سياسة عمرانية هذه التي تجعل المعمار يسبق المعاش؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version