من نيويورك إلى الرباط… صورة تختصر المسافة بين خطاب مُرهق وواقع مُتعب

شهدت الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك واقعة غير متوقعة، بعدما التقطت عدسات الكاميرات صورة لوزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، وهي في وضع استراحة بدت أقرب إلى النوم، داخل القاعة الأممية.

الصورة، التي تداولها رواد التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، سرعان ما تجاوزت بعدها الشخصي لتتحول إلى حدث سياسي بامتياز.

فبينما رأى فيها البعض مجرد لحظة إرهاق طبيعي في جلسات طويلة ومرهقة، وجد آخرون أنها تجسيد بصري لوضعية بلد بأكمله، يشارك في المحافل الدولية بوجه متعب، ويعيش في الداخل على إيقاع أزمات متراكمة في الصحة والتعليم والشغل.

التباين في التعليقات لم يكن سطحياً؛ بل كشف عن عمق الشرخ بين خطاب رسمي يؤكد دينامية الإصلاحات الكبرى، وبين انطباع شعبي يرى في تلك الأوراش زخماً بلا أثر ملموس.

فالوزيرة التي غفت في نيويورك بدت لكثيرين كأنها تلخّص حكومة غارقة في لغة الإنجاز، لكنها في الميدان تعجز عن إقناع المواطنين بجدوى سياساتها.

تلقائية الصورة منحتها قوة رمزية إذ تحولت الغفوة الفردية إلى استعارة سياسية: مغرب يُنفق الملايير على المشاريع الكبرى، لكنه لا يوفّر سريراً في مستشفى عمومي أو مقعداً جامعياً لائقاً.

صورة واحدة أشعلت النقاش أكثر مما فعلت خطب مطولة أو بيانات حكومية، وأعادت إلى الواجهة سؤالاً جوهرياً: هل تعب المسؤول مجرّد غفوة عابرة، أم أنه انعكاس لإرهاق منظومة سياسية كاملة؟

ومهما اختلفت القراءات، تظل الواقعة دليلاً على أن الرأي العام لم يعد يتفاعل فقط مع الأرقام والمؤشرات، بل مع الصور التي تختصر معاناة الناس وتُعرّي تناقضات الخطاب الرسمي.

ففي زمن المنصات الرقمية، قد تكون غفوة عابرة أكثر تعبيراً من خطاب رسمي كامل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version