كشفت مصادر إعلامية أن الحكومة تراهن في تقريرها المرفق بمشروع قانون المالية على معدل نمو يصل إلى 4,5% سنتي 2025 و2026.
رقم منمّق على الورق، لكنه يظل مرتهناً إلى فرضيات أكثر مما هو مبني على وقائع: موسم فلاحي “متوسط” بسبعين مليون قنطار، أسعار طاقة مستقرة، تضخم لا يتجاوز 2%، وسعر صرف مضبوط للدرهم.

هذه التوقعات تخفي خلفها هشاشتين: خارجية، بحكم الارتهان لسعر برميل النفط وتقلب الأسواق الدولية، وداخلية تجعل الاقتصاد المغربي رهيناً للمطر أكثر من رهانه على الصناعة أو الابتكار.

وكأننا أمام اقتصاد يعيش تحت رحمة الغيب لا تحت قوة السياسة.

التقرير نفسه يقر بأن الفلاحة ستقفز بـ7,9% إذا هطلت الأمطار، فيما ستبقى القطاعات غير الفلاحية عالقة عند 4%.
معادلة قديمة تُعيد إنتاج التبعية: فلاحة متقلبة تسحب معها الاقتصاد نحو المجهول، وقطاعات غير قادرة على تعويض نزوات المناخ.

أما على صعيد الطلب، فيُنتظر أن يظل الاستهلاك الداخلي المحرك الرئيسي، مدعوماً بإنفاق الأسر والإدارات.
لكن الاستثمار يظل محدوداً، فيما الميزان التجاري يفرغ المكاسب: صادرات تصعد بـ7,9% مقابل واردات بـ6,9%، والنتيجة مساهمة خارجية شبه منعدمة.
إنها دورة مغلقة: ما نربحه هناك نخسره هنا.

الحكومة تعد بتقليص العجز إلى 3% وخفض الدين إلى 65,8% سنة 2026.
وعود مالية تبدو مطمئنة في لغة المؤسسات الدولية، لكنها قد تتحقق على حساب المدرسة العمومية والمستشفى العمومي، أي على حساب المواطن البسيط.

الخلاصة: المغرب يعيش اقتصادين متوازيين؛ واحد ماكرو براق في الجداول الرسمية، وآخر ميكرو منهك في جيوب الناس. والسؤال : متى يتحرر الاقتصاد الوطني من رهانات المطر والأسواق، ليبني نموه على قاعدة صلبة لا على فرضيات موسمية؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version