وسط ضجيج الشارع المغربي، خرج لحسن السعدي، رئيس شبيبة التجمع الوطني للأحرار، ليخاطب الشباب المحتج بلغةٍ لم ترقَ إلى مستوى اللحظة.

بدلاً من أن نسمع خطاب رجل سياسة يملك الجرأة على مواجهة الحقيقة، وجدنا أنفسنا أمام إنشاء مدرسي طويل، يكرر لازمة “خاصنا الوقت” ويكتفي بتجميل عجز حكومي متراكم.

أقرّ السعدي بأن قطاع الصحة يعيش اختلالات عميقة، لكنه لم يتجاوز عتبة العموميات لا أرقام، لا التزامات محددة، ولا رؤية عملية تعطي المواطنين إشارات واضحة. ما عرضه كان مجرد وصف لواقع يعرفه الجميع: طبيب غائب، سكانير معطل، دواء مفقود. أما الحلول، فمؤجلة إلى “حين يتوفر الوقت”، وكأن الزمن ملك للحكومة وحدها.

الأخطر أن السعدي اختزل الاحتجاجات في قطاع الصحة، متجاهلاً جوهر الأزمة: غلاء المعيشة، بطالة الشباب، انعدام الثقة في الأحزاب والمؤسسات.

ثم عاد ليُلوّح بفزاعة “المندسين”، تلك الأسطوانة الرسمية التي تُستعمل كلما علا صوت الشارع، في محاولة لتجريد الغضب الشعبي من شرعيته.

في خطابه، دعا الشباب إلى الانخراط في الأحزاب السياسية والتصويت في الانتخابات، وكأن المشكلة في المغرب مجرد عزوف انتخابي. بينما الواقع يشي بأزمة أعمق: فقدان ثقة شامل في المشهد الحزبي برمّته. فكيف يمكن لشاب يرى حزباً يقود الحكومة ثلاث سنوات دون إنجاز ملموس أن يقتنع بأن الحل داخل صناديق الاقتراع؟

لقد بدا السعدي وكأنه يقدّم درساً في الصبر أكثر مما يقدّم رؤية في السياسة. درس إنشائي يبيع الوهم ويطالب الشباب بالانتظار. لكن الشارع اليوم لم يعد ينتظر.

وهنا يطرح السؤال نفسه بقوة:
هل نحن أمام خطاب رجل سياسة يواجه العاصفة؟ أم مجرد إنشاء مدرسي يقرأه تلميذ متحمّس على مسامع شعب غاضب؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version