في الوقت الذي تملأ فيه أصوات الغضب شوارع مدن مغربية مطالبة بالقطع مع الفساد والمحسوبية، تستعد الرباط للإعلان عن حركة واسعة في سلك السفراء، خطوة يُفترض أن تعزز حضور المملكة في الخارج، لكنها تنذر بإعادة إنتاج منطق “الريع السياسي” في واحد من أكثر القطاعات حساسية: الدبلوماسية.

مصادر إعلامية أشارت إلى أن اللائحة المرتقبة تتضمن أسماء تنحدر من خلفيات حزبية، بعضها ارتبط بشبكات القرار التنظيمي أكثر مما ارتبط بمسارات مهنية صلبة.
إدراج شخصيات من الأقاليم الجنوبية قد يُقرأ كرسالة سياسية قوية إلى الخارج، لكنه في العمق لا يُلغي حقيقة أن التعيين تم وفق منطق الولاء والانتماء الحزبي، لا على قاعدة الكفاءة الخالصة.

المفارقة صارخة: بلد يُرفع فيه شعار “الاستحقاق” داخلياً، بينما يوزّع الخارجيات على أساس “المحاصصة”.
فبينما يطالب جيل جديد بفتح الصناديق السوداء وكشف الحسابات، تستمر النخب السياسية في توزيع الحقائب الدبلوماسية كما لو كانت امتداداً لصفقات حزبية.

هذا التناقض يطرح سؤالاً وجودياً: كيف يمكن إقناع الشركاء الدوليين بمصداقية مشروع إصلاح سياسي واقتصادي، إذا كانت واجهات المغرب في العواصم الكبرى تُدار بالمنطق نفسه الذي يخرج ضده الشارع؟

الحقيقة أن الجهاز الدبلوماسي، في لحظة تحولات دولية متسارعة، يحتاج إلى “مهندسي كفاءة” قادرين على فهم التوازنات، لا إلى وجوه حزبية تكرر أخطاء الداخل بلغة بروتوكولية في الخارج.
وإذا لم ينجح المغرب في كسر هذه الحلقة المفرغة، فقد يجد نفسه في مواجهة صورة مزدوجة: دولة تقدّم للعالم خطاباً حديثاً، لكنها تظل أسيرة آليات قديمة تذكي الغضب في الداخل وتضعف المصداقية في الخارج.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version