يشهد قطاع الصحافة والنشر في المغرب واحدة من أكثر مراحله حساسية منذ تأسيس المجلس الوطني للصحافة.
فمع بداية أكتوبر 2025، انتهت مدة انتداب اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون القطاع، المُحدثة بموجب القانون رقم 15.24، دون أن تُبادر الحكومة إلى تجديد مؤسسات التنظيم الذاتي أو إطلاق انتخابات جديدة.
وهكذا، وجد المشهد الإعلامي نفسه في فراغ قانوني وأخلاقي وإداري غير مسبوق، يهدد مبدأ الاستقلالية ويزرع الشك في نوايا الإصلاح المعلنة.
الهيئات المهنية والنقابية الكبرى، من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف إلى النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، عبّرت في بلاغ مشترك عن قلقها العميق من استمرار هذا الوضع، معتبرة أن الحكومة تُدير الملف بنَفَسٍ بيروقراطي خالٍ من الإرادة السياسية.
فقد انتهت ولاية اللجنة المؤقتة التي أُنشئت لتدبير المرحلة الانتقالية، لكنها تحولت، بحسب المهنيين، إلى أداة تحكمٍ وتضييقٍ بدل أن تكون مدخلاً للإصلاح.
كشفت مصادر مهنية أن فترة اللجنة تميزت بتصرفات فردية واستبدادية، ساهمت في تفاقم التوتر داخل القطاع، وأضعفت مصداقية مؤسسة المجلس الوطني للصحافة، فيما ظلت وزارة الاتصال مترددة أمام الحاجة الملحّة إلى فتح انتخابات جديدة أو حوار وطني شامل حول مستقبل التنظيم الذاتي للمهنة.
وفي خضم هذا المشهد المعلّق، بدأ اسم إدريس شحتان، مدير قناة Chouftv، يتردد بقوة داخل الأوساط الإعلامية بوصفه أحد أبرز الطامحين إلى رئاسة المجلس الوطني للصحافة.
شخصية مثيرة للجدل، تجمع بين التجربة الإعلامية والقدرة على المناورة داخل المشهد السياسي والمهني، وتثير ترشيحاته نقاشاً واسعاً حول مآل استقلالية المؤسسة التي يُفترض أن تحمي أخلاقيات المهنة من هيمنة رأس المال الإعلامي والسياسي معاً.
فهل يسعى شحتان إلى إنقاذ مؤسسةٍ تتهاوى أم إلى إعادة رسم خريطتها على مقاسه؟
وهل سيُسمح له فعلاً باعتلاء كرسي رئاسةٍ يختزل صراعاً بين حرية الكلمة ورغبة السلطة في التأطير والتحكم؟
الأسئلة كثيرة، لكن المؤكد أن الصحافة المغربية تدخل اليوم مرحلةً دقيقة تُختبر فيها صدقية الدولة في احترام الدستور، وضمان استقلال المهنة، وصون حق المجتمع في إعلامٍ حرّ ومسؤول.
فحين يغيب القانون، لا يملأ الفراغ سوى الطموح… وأحياناً، الطموح الأكبر هو من يصنع المعركة الأخطر.
