صمتٌ بمقابل… وفضيحة قادمة

من يملك الوثائق يملك لحظة التفجير

وفي السياسة كما في النار، من يُشعل أولاً لا ينجو بالضرورة

كشفت مصادر إعلامية مطّلعة أن حزب الأصالة والمعاصرة يستعدّ لخلط الأوراق داخل التحالف الحكومي، بعدما منح الضوء الأخضر لعددٍ من نوابه لفتح ملفاتٍ حساسة تتعلق بتضارب المصالح تمسّ وزراء وبرلمانيين من أحزاب الأغلبية، إضافةً إلى وزيرٍ من الحزب نفسه يُواجه اتهاماتٍ بالابتعاد عن الخط السياسي لصالح علاقاتٍ مصلحية مع أطرافٍ نافذة في الحكومة.

وتؤكد المصادر ذاتها أن برلمانياً من الحزب يمتلك وثائق توثّق صفقاتٍ في مجالي الحراسة والنظافة استفاد منها مسؤولون حكوميون وبرلمانيون من الأغلبية، إلى جانب إعفاءاتٍ ضريبية مشبوهة ودعمٍ سخيٍّ وُزّع داخل القطاع الفلاحي على نحوٍ يثير تساؤلاتٍ حول العدالة والشفافية.
غير أن السؤال الأعمق يظل قائماً: لماذا الآن؟ ومن حرّك المياه الراكدة بعد سنواتٍ من الصمت؟

في كواليس السياسة المغربية، لا تُفتح الملفات عبثاً.
فالتوقيت، كما يهمس العارفون، ليس صدفة، بل رسالة مشفّرة داخل تحالفٍ بدأ يتآكل من الداخل.
من كان بالأمس حليفاً في تقاسم الغنائم، صار اليوم خصماً في توزيع الاتهامات.
ومن سكت طويلاً عن تضارب المصالح، لا يفعل ذلك اليوم توبةً سياسية، بل خوفاً من أن يُذكر اسمه في الصفحة التالية.

السكوت في مثل هذه القضايا ليس حياداً، بل شراكة ناعمة في الخطأ.
وما يجري تحت قبة البرلمان لا يبدو صحوةً أخلاقية بقدر ما هو صراع نفوذٍ واستباقٌ لموسم الحساب الانتخابي.
كل طرفٍ يعرف حجم الملفات التي يحتفظ بها الآخر، وكل صمتٍ صار رهينة وثيقةٍ مؤجلة إلى حين.

التحالف الثلاثي يبدو من الخارج منضبطاً، لكنه في الداخل يعيش اشتباكاً ناعماً بين المال والسياسة.
وإذا قرّر حزب «البام» المضيّ في كشف ما كان يُعتبر طابوهاً، فإن موازين القوة داخل الأغلبية ستتغيّر حتماً، لأنّ من يملك الوثائق يملك لحظة التفجير… ومن يملك الصمت يملك ثمن البقاء.

ومع اقتراب مناقشات قانون المالية، يترقّب المراقبون كيف ستواجه الحكومة امتحانها الأصعب:
الشفافية أمام الرأي العام، أم التضامن في الإخفاء؟

وفي السياسة كما في النار، من يُشعل أولاً لا ينجو بالضرورة… لكنه يختار على الأقل شكل احتراقه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version