“No Kings”: America’s Streets Erupt as the Empire’s Fate Looms on the Horizon

اندلعت احتجاجات واسعة في عدد من المدن الأمريكية الكبرى كواشنطن ونيويورك وميامي ولوس أنجلس وشيكاغو ضد دونالد ترامب يومي السبت والأحد تحت شعار”لا ملوك” No Kings، شارك فيها عشرات الآلاف، احتجاجا على ديكتاتورية ترامب وسياساته ضد المؤسسات الديمقراطية وخرقه للدستور وقمعه لحريات الإعلام.

وبصرف النظر عن مآلات هذه الاحتجاجات، فإن المهم فيها هو أن الشعب الأمريكي بدأ يستيقظ ويفهم الفرق بين الديمقراطية والاستبداد باسمها. فهذه الاحتجاجات هي نوع من محاسبة الديمقراطية وشهادة حية على أن فوز ترامب في الانتخابات الأخيرة ـ كأي رئيس أمريكي آخر ـ وراءه لوبيات قوية بالداخل تؤثر على الرأي العام الأمريكي وتتحكم في الانتخابات، لوبيات تعمل لغير صالح الشعب الأمريكي دافع الضرائب، وطالما أنه لا توجد في العالم دولة أخرى يمكنها أن تتحكم في قرار أكبر دولة في العالم، فإن تلك اللوبيات هي لوبيات تابعة لإصرائيل ويقودها ياهود أمريكيون.

وكما يحصل في شتى بلدان العالم، كالعالم العربي، فإن المجتمع الأمريكي بدأ يعيش حالة من الفجوة العميقة بينه وبين رؤسائه بسبب الولاء المطلق لإصرائيل، فالرؤساء الأمريكيون منتخبون ويختارهم الشعب الأمريكي بناء على برامجهم الانتخابية، وهم يتحدثون دائما عن مصلحة الشعب الأمريكي، إلا فيما يتعلق بالموقف من إصرائيل، حيث تصبح مصلحة إصرائيل والياهود فوق مصلحة الأمريكيين، وعندما يتعلق الأمر بمصلحة إصرائيل فإن الرئيس الأمريكي يدوس على الدستور والقانون والديمقراطية.

وقد كشفت حرب إصرائيل ضد الفلسطينيين تلك الفجوة الواسعة بين الأمريكيين ورؤسائهم، ففي عهد بايدن احتج مئات الآلاف من الطلاب والمواطنين الأمريكيين ضد العدوان وضد السياسة الأمريكية تجاه إصرائيل، ولكن بدل أن يساير بايدن الرأي العام الأمريكي أخذ يهاجمه بدعوى أن الأمريكيين أصبحوا معادين للسامية.

أما ترامب فقد ذهب بعيدا في دعمه لإصرائيل، حتى قال في خطابه الأخير أمام الكنيست الإصرائيلي الأسبوع الماضي بأنه كان يرسل السلاح للياهود، وتباهى بأنهم عرفوا كيف يستخدمونه، وهو تأكيد على لسانه بأنه متورط في جريمة الإبادة الجماعية.
وقد يقول البعض إن الرأي العام الأمريكي لا يهتم بفلسطين أو بموقف بلاده من إصرائيل، وقد يكون هذا صحيحا، ولكن ما أريد قوله هو أن الدعم الأمريكي لإصرائيل لا يمكن أن يحصل بدون خرق للقانون الأمريكي والدستور، وبدون ممارسة الرئيس للسلطة الفردية وتمكين الياهود في المجال الاقتصادي وقطاع المال والضرائب، وتوجيه المساعدات إلى إصرائيل من ضرائب المواطنين الذي بدأوا يدركون بأن ياهود فلسطين يعيشون على ما يدفعونه هم من الضرائب للدولة.

وفي جميع الأحوال فإن هذه الاحتجاجات التي تحصل في أمريكا هي بداية الصحوة عند الأمريكيين، وما يدل على هذا أن إصرائيل شددت من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي في المدة الأخيرة وتعاقدت مع كبرى شركات الاتصال مثل غوغل لمحاصرة الآراء المعادية، ولا يمكننا القول بأنها فعلت ذلك للتضييق على الرأي العام في العالم العربي، إذ هي تدرك بأن العالم العربي ليس فيه رأي عام وبأنه في أيد أمينة ولا توجد ديمقراطية تخاف منها ولا توجد انتخابات تخشى من نتائجها، ولكنها فعلت ذلك للتضييق على الرأي العام الأمريكي والأوروبي حيث يوجد الإنسان المواطن وتوجد الانتخابات.

كلها مؤشرات على أن أمريكا مرشحة للتفكك يوما من الأيام، طال الزمان أم قصر. الذين يقولون بأن أمريكا قوية عسكريا ولا يمكن أن تنهزم لا يفهمون منطق التاريخ، فالأمم لا تنتصر أو تنهزم بالسلاح وحده، وكم امبراطور كان يقود امبراطورية عظيمة لكن هزمته زوجته، وكم من حاكم حكم الدنيا لكنه انهزم أمام أقرب مساعديه، وكم من طاغية أخضع أقواما لكن هزمه الجوع الذي فتك بالشعب فخرج يدوس كل شيء، وقد حكم فرعون مصر كلها لكنه انهزم أمام السحرة عندما كذبوه وصدقوا موسى عليه السلام، فالتاريخ ليس له منطق محدد، وليست لديه أساليب مدروسة لتغيير الأمم.

وقبل عشر سنوات كان الجميع يتحدث عن الربيع العربي، ولم يكن أحد يتوقع أن يأتي شيء اسمه شباب زد، ولا أحد يعرف ماذا سيكون بعد عشر سنوات أو عشرين، وهل يظهر شيء آخر أعجب من هذا، وهل نرى ذات يوم مثلا في العالم العربي انتفاضة العلماء، أو ثورة النساء، فالتاريخ هو كتاب الإمكانيات غير المحدودة، وإذا كنا واثقين مثلا من زوال إصرائيل ثقة كاملة إلا أننا لا نعرف كيف سيتم ذلك، كذلك نعرف أن جميع الإمبراطوريات تنتهي وأمريكا امبراطوربة إذن أمريكا ستنتهي، لكننا لا نعرف كيف، إنما نعرف أن عشرات الإمبراطوريات سادت ثم بادت، ولا يمكن لأمريكا أن تسود فتدومن وقد قيل في الكتاب لا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون، فمن كذب بالتغيير كذب أن الله كل يوم هو في شأن.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version