From the Pulpit to the Football Stands… The Ministry of Awqaf in Search of the Lost Ihsan

تدوينةٌ استثنائية صادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قرأت فوز المنتخب المغربي للشباب بكأس العالم بوصفه “دليلًا عمليًا على الإحسان والإتقان في العمل”، معتبرةً أن هذا الإنجاز الرياضي ثمرةُ “الجد والاجتهاد والصبر والتخطيط”، ومستشهدةً بالآية الكريمة:

{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} (الكهف: 30).

تدوينةٌ جميلة في ظاهرها، لكنها في عمقها تكشف ميلًا متكرّرًا لدى المؤسسات الرسمية إلى تأويل كل إنجازٍ شعبي بلغةٍ وعظية تُعيد إنتاج الخطاب الديني في المجال المدني.
فبدل قراءة البطولة في سياقها الرياضي والإداري، يُعاد تأطيرها بلغة “الإحسان” و“الثواب”، وكأن الفوز وحيٌ أخلاقي أكثر منه ثمرةُ تخطيطٍ ومواكبةٍ مؤسساتية.

السؤال الأعمق الذي يفرض نفسه:
لماذا يتحوّل “الإتقان في العمل” إلى شعارٍ احتفاليٍّ في زمن التتويج، بينما يغيب كقيمةٍ مؤسِّسةٍ في الإدارة العمومية؟
ولماذا يُستحضَر الإحسان عند رفع الكؤوس، ويُنسى عند تدبير المستشفيات والمدارس والمشاريع العمومية؟

الإحسان الذي تتحدث عنه الوزارة لا يُقاس ببلاغة المنشورات، بل بصدق الممارسة.
هو فلسفةُ عدالةٍ وتدبيرٍ وشفافيةٍ، لا تحتاج إلى “منشور قرآني” بقدر ما تحتاج إلى إرادةٍ مؤسسية تُنقذ المواطن من أعطاب البيروقراطية.

في العمق، لا تبحث وزارة الأوقاف عن “الإحسان” في الملاعب بقدر ما تُحاول تذكير نفسها به في المؤسسات.
فما بين منبر الوعظ ومدرج الكرة تتجلى مفارقة الدولة المغربية حين تخلط بين الأخلاق والسياسات العامة: تُبشّر بالإتقان في الخطاب، وتتعثر في تجسيده على الأرض.
إنّ “الإحسان الضائع” الذي تبحث عنه الوزارة ليس قيمة دينية مفقودة، بل كفاءة إدارية مؤجّلة، تنتظر من يعيدها من النصّ إلى الممارسة، ومن البلاغ إلى الفعل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version