Imported Meat and Cooked Politics: Morocco When It Buys Its Self-Sufficiency from Abroad

يملك المغرب أكثر من تسعة ملايين رأسٍ من الماشية، ومع ذلك يضاعف حصص استيراد الأبقار الأليفة من الخارج.
مفارقة تختصر مأزق السيادة الغذائية في بلدٍ يواجه الجفاف كما يواجه محدودية الرؤية الاقتصادية.
فالسؤال لم يعد مرتبطًا بالمطر أو الأعلاف، بل بقدرة السياسات العمومية على زراعة التوازن بين العرض والطلب دون أن تجعل من السوق العالمية عكّازًا دائمًا للاكتفاء الذاتي.

مشروع قانون المالية لسنة 2026 يمدِّد الإعفاءات الجمركية والضريبية على استيراد الأبقار، ويرفع الحصة من 150 ألف رأس إلى 300 ألف.
رقمٌ يبدو مريحًا في الظاهر، لكنه يعكس قلقًا عميقًا داخل مطبخ القرار الاقتصادي، حيث تُعالج ندرة اللحوم الحمراء بقراراتٍ ظرفية لا بإصلاحاتٍ هيكلية.

المذكرة التقديمية للمشروع تُبرّر الخطوة باستمرار الجفاف وارتفاع كلفة الأعلاف، ما أدّى إلى تقلّص المخزون الوطني من المواشي واضطرار الحكومة إلى التدخل لتفادي نقص العرض وارتفاع الأسعار.
لكن ما يبدو إجراءً تقنيًا يخفي هشاشةً بنيوية في تدبير القطاع الحيواني، إذ تشتري الدولة من الخارج ما كان ينبغي أن تُنتجه في الداخل.

بيانات وزارة المالية تُظهر أن المغرب استورد حتى منتصف غشت 2025 نحو 149 ألف رأسٍ من الأبقار الأليفة، أي 99 في المئة من الحصة السابقة.
ومع تسارع وتيرة الاستيراد، ضاعفت الحكومة الرقم لتأمين السوق، في إشارةٍ ضمنية إلى أن “الاستقرار الغذائي” بات رهينًا بميناء أكثر منه بحقل.

الأغرب أن هذه الخطوة تُدرج ضمن خطة “المغرب الأخضر” التي وُعد بها المواطنون منذ أكثر من عقد لتحقيق الاكتفاء الذاتي في اللحوم الحمراء.
غير أن النتائج الواقعية تُظهر أن المخطط نجح في تربية الامتيازات أكثر مما ربّى القطعان.
فمليارات الدراهم التي صُرفت على التعاونيات والمجازر والمزارع النموذجية لم تُثمر تنميةً مستدامة بقدر ما عمّقت الفوارق بين كبار المستثمرين وصغار الفلاحين.

وراء هذا المشهد الاقتصادي، تتخفّى أسئلة سياسية مؤجَّلة:
إلى أي حدّ يمكن أن يُستعمل الجفاف ذريعةً دائمة لتبرير غياب التخطيط؟
وهل تُبنى السيادة الغذائية على الواردات والامتيازات أم على استقلال القرار والإنتاج؟

الاقتصاد الحيواني المغربي يحتاج اليوم إلى رؤيةٍ مؤسسية جديدة، لا إلى أبقارٍ إضافية.
فعندما تتحوّل “الاستيرادات” إلى بديلٍ عن “الإصلاحات”، يفقد الأمن الغذائي معناه الوطني ويتحوّل إلى معادلةٍ مالية عابرة.

الرهان الحقيقي لا يُقاس بعدد الرؤوس المستوردة، بل بقدرة السياسات على إعادة تربية الثقة في الإنتاج الوطني قبل أن يصبح استيراد هذه الثقة هو البند التالي في قانون المالية القادم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version