Harsh Sentences Shake Souss-Massa: Gen Z Between the Quest for Dignity and the Logic of Deterrence
مساءٌ ثقيل خيّم على أكادير.
غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف أصدرت أحكامًا غير مسبوقة بلغت أزيد من 260 سنة سجناً نافذاً في حق 33 شابًا من مدن هوارة، بيوكرى، تيزنيت، تارودانت وآيت عميرة، بعد إدانتهم على خلفية أعمال العنف والتخريب التي أعقبت احتجاجات اجتماعية منسوبة إلى ما بات يُعرف إعلاميًا بـ”جيل زِد”.
جيلٌ خرج من الهامش ليعبّر عن اختناقٍ جماعيٍّ تجاوز حدود الصبر، فعاد إلى الزنازين محمّلًا بتهمٍ قاسية: “إضرام النار عمدًا”، “تخريب الممتلكات العمومية والخاصة”، “العنف في حق القوات العمومية”، و“المشاركة في تجمعٍ غير مرخّص”.
لكن خلف صرامة النصوص، تتوارى قصةُ وطنٍ يبحث عن معادلةٍ بين الأمن والعدالة، بين الصراخ والإصغاء.
تُظهر المعطيات أن شرارة الأحداث في سوس ماسة لم تكن وليدة العنف، بل نتيجة احتقانٍ اجتماعيٍّ متراكم.
مظاهراتٌ شبابية انطلقت في هوارة وبيوكرى وآيت عميرة احتجاجًا على البطالة وغلاء المعيشة، قبل أن تنفلت السيطرة ويتحوّل المشهد إلى مواجهاتٍ عنيفة، رُشق خلالها رجال الأمن بالحجارة، وأُضرمت النار في سياراتٍ ومقرّاتٍ عمومية.
الصور التي عمّت المنصات الرقمية جسّدت أكثر من مجرد فوضى: كانت مرآةً لمجتمعٍ يعيش على الحافة، بين الإهمال والعقاب.
الأحكام التي تراوحت بين سنة و15 سنة سجناً نافذاً، منها عشر سنواتٍ ضد ثمانية متهمين من بيوكرى واثني عشر من هوارة، تعكس مقاربةً قضائية صارمة يرى فيها المراقبون إصرارًا على الردع بدل الفهم.
فبينما تبرّر السلطات هذه الأحكام بضرورة حماية الممتلكات وردع العنف، يتساءل كثيرون عمّا إذا كانت الدولة تُعاقب الفعل الجنائي أم تُحاكم الغضب بوصفه جريمةً اجتماعية.
المفارقة مؤلمة: بلدٌ يطمح إلى تحديث مؤسساته، لكنه ما يزال يُعالج أصوات شبابه عبر منطق السجن لا عبر منطق الإصغاء.
جيل زِد، الذي خرج من الفضاء الرقمي إلى الشارع، لا يحمل أيديولوجيا ولا حزبًا، بل بحثًا فوضويًا عن معنى العدالة.
جيلٌ لا يخاف من المواجهة بقدر ما يخاف من النسيان.
اليوم، لا يُقاس نضج الدول بعدد سنوات السجن، بل بقدرتها على تحويل الصراع إلى إصلاح.
وحين يُصبح الغضب الشعبي تهمة، تفقد العدالة دورها كمِيزانٍ وتتحوّل إلى جدار.
القانون يردع، نعم، لكنّ العدالة تُصلح، والإصغاء وحده يصنع الثقة.
جيل زِد لا يطلب المستحيل؛ يطلب فقط أن يُعامل كجيلٍ له الحق في الخطأ، لا كجيلٍ يُختصر في محضرٍ أو رقم ملف.
