Human Rights Report Reveals Violations in Police Custody and Flagrante Delicto Procedures During the Trials of Generation Z
جيلٌ خرج ليطالب بالكرامة… فعاد إلى الزنازين بمساطر استثنائية
كشفت مصادر إعلامية أن “الفضاء المغربي لحقوق الإنسان” أصدر تقريرًا أوليًا يرصد المآلات والخروقات التي طالت المساطر القضائية المرتبطة بملف احتجاجات شباب “جيل زِد”، وهي احتجاجاتٌ اجتماعية تحوّلت سريعًا إلى امتحانٍ لميزان العدالة في المغرب أكثر مما كانت اختبارًا للأمن العام.
وأوضح التقرير أن عدد الموقوفين فاق سبعمائة شخص، بينهم ما يزيد عن مئة وثلاثين قاصرًا، بعضهم صدرت في حقه أحكام بلغت عشرين سنة سجناً نافذاً.
ولم تتوقف الملاحظات عند الأرقام، بل امتدت إلى طريقة تدبير الاعتقالات والتحقيقات، حيث رُصدت تجاوزات تمسّ حقوق الدفاع وقرينة البراءة، من قبيل طول مدد الحراسة النظرية، وعدم إشعار العائلات، ومتابعة مدونين وناشرين بمقتضيات القانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر.
كشفت المصادر ذاتها أن العديد من الملفات وُجهت فيها تهم التجمهر أو المس بالمؤسسات العمومية بناءً على “مسطرة التلبس”، رغم أن الوقائع وفق التقرير لا تنطبق عليها الحالات المنصوص عليها حصريًا في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، بما يجعل هذه المتابعات مؤسَّسة على تأويل موسّع لا يستقيم مع مبادئ العدالة.
وفي تفاصيل الأرقام، تبرز محاكم الدار البيضاء والرباط ووجدة وأكادير كمراكز رئيسية لمحاكمة شباب الاحتجاجات.
ففي البيضاء، صدرت أحكام تراوحت بين سنة وعشر سنوات نافذة، بينما عرفت استئنافية أكادير أقسى العقوبات، إذ حُكم على مجموعة من الشباب بالسجن لمدد وصلت إلى خمس عشرة سنة.
أما في الرباط، فقد تم تقديم أكثر من مائتي موقوف خلال أيام معدودة، بينهم عشرات القاصرين، أغلبهم توبعوا في حالة سراح مقابل كفالات مالية.
ورصدت الهيئة متابعة بعض المتهمين في محاكم بعيدة عن أماكن سكناهم، ما اعتبرته مسًّا بحقهم في المحاكمة العادلة وحرمانًا لعائلاتهم من إمكانية الزيارة والمتابعة.
كما لاحظ التقرير غياب التعليل في بعض القرارات القضائية، خصوصًا المتعلقة بضم الدفوع الشكلية إلى الجوهر، مما يضعف ضمانات المحاكمة العادلة التي ينص عليها الدستور المغربي.
أما في الجانب الإجرائي، فقد وقفت الهيئة على محاضر تشير إلى تسجيل مكالمات واتصالات هاتفية دون احترام للمادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، وهو ما يجعلها من الناحية القانونية إجراءات باطلة لعدم احترامها شروط الإذن القضائي.
كما لاحظت أن بعض المحاضر لم تتضمن توقيت الاستماع للمشتبه فيهم، وهو تفصيل تقني بسيط لكنه ضروري لتقدير الحالة النفسية والإنسانية أثناء التحقيق.
تخلص المصادر الحقوقية إلى أن طريقة تدبير هذا الملف تُظهر أن المقاربة القضائية لا تزال تتقدّم على المقاربة الاجتماعية في التعامل مع الغضب الشعبي.
جيلٌ كامل خرج ليطالب بكرامةٍ وفرصٍ متكافئة، فعاد إلى الزنازين بدل قاعات الحوار، لتطرح القضية من جديد سؤال العدالة الاجتماعية في زمنٍ تُدار فيه الأزمات بمساطر الطوارئ بدل سياسات الإصلاح.
