Fatima-Zahra Mansouri: Morocco’s Tough Test of Political Accountability

لا شيء يفضح هشاشة الدولة الحديثة أكثر من تناقضها بين الخطاب والممارسة.
فحين ترفع الحكومات شعار “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، ثم تُدير ظهرها له في أول اختبارٍ حقيقي، تتحوّل الثقة إلى عملةٍ نادرة في السوق السياسية.

تبدأ القصة من مراكش، المدينة التي تعرف جيدًا كيف تُخفي المعنى خلف واجهتها الحمراء.
هناك، أثارت تدوينةٌ لعبد اللطيف سودو، النائب السابق لعمدة سلا، جدلًا واسعًا بعد حديثه عن أرضٍ فلاحيةٍ تملكها فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة جماعة مراكش ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان.
الأرض نفسها التي رفضت الوكالة الحضرية سابقًا الترخيص فيها لمشروع فيلات قبل سنة 2021، أصبحت فجأةً قابلةً للبناء بعد تعيين المنصوري وزيرة، وتغيير مدير المصلحة المعنية داخل الوكالة سنة 2023، فوق مساحةٍ تناهز 66 هكتارًا.

إن صحّت هذه المعطيات، فنحن أمام حالةٍ نموذجية لتضارب المصالح الذي يُفرغ مفهوم الدولة من مضمونه.
لأن من يُشرّع ويُوقّع ويُرخّص لا يمكن أن يكون في الوقت نفسه من يستفيد من القرار.
فالمسؤولية ليست امتيازًا شخصيًا، بل التزامٌ أخلاقي وقانوني يعلو على الأسماء والمناصب.

في الدول التي تحترم نفسها، مثل هذه القضايا تُفتح فيها تحقيقات قبل إصدار بيانات، لأن العدالة لا تُمارس بالبلاغات بل بالمحاسبة.
أما في المغرب، فغالبًا ما تُقبر الوقائع داخل ضباب “التوضيحات” و”سوء الفهم”، بينما تبقى الأسئلة معلّقة في وجدان المجتمع:
من يملك القرار؟ ومن يملك الأرض؟

حين تُستبدل الشفافية بالمجاملة، يصبح التعمير مرادفًا لتهيئة النفوذ لا لتأهيل المدن.
وما لم يُفعّل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة فعلًا لا قولًا، ستظلّ مشاريع كهذه تشيّد جدرانًا بين المواطن والدولة، لا بين الأحياء والطرقات.

العدالة في التخطيط ليست تفصيلًا إداريًا، بل مرآةٌ لعدالة النظام السياسي بأكمله.
فحين يُسمح بتقاطع السلطة مع المصلحة، تنهار الفواصل بين القانون والنفوذ…
وحينها فقط نفهم لماذا يحتجّ الشباب.

الدول لا تنهار بانفجار الغضب، بل حين تفقد قدرتها على الخجل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version