Culture on the Line: A Complaint Against Minister Bensaïd Redefines the Boundaries of Art and Ethics in Morocco
كشفت مصادر إعلامية أن الساحة الثقافية المغربية تعيش واحدةً من أكثر لحظاتها حساسية، بعدما وُضعت شكايةٌ رسمية لدى رئيس النيابة العامة بالرباط ضد وزير الشباب والثقافة والتواصل، ومدير المركز السينمائي المغربي، ورئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
شكايةٌ أثارت جدلًا واسعًا لأنها لم تكتفِ بالتنديد، بل وجّهت اتهاماتٍ صريحة إلى مؤسساتٍ رسميةٍ بـ«تمويل الفساد الفني» و«المساس بالأخلاق العامة»، في مشهدٍ يعيد طرح سؤالٍ قديم بصيغةٍ جديدة: من يملك تعريف الأخلاق في زمن الانفتاح؟
الجمعية التي تقدّمت بالشكوى، والمعروفة باسم ربيع السينما، طالبت رئيس الحكومة بإقالة الوزير ومدير المركز السينمائي، مستندةً إلى فصولٍ من الدستور والقانون الجنائي وميثاق المرافق العمومية.
لكن خلف هذه اللغة القانونية، يلوح جوهر المعركة: رفضٌ مدنيٌّ لسياسةٍ ثقافيةٍ يُنظر إليها كواجهةٍ لتطبيع التفاهة باسم الحداثة.
منذ تولّيه المنصب، قدّم الوزير محمد المهدي بنسعيد نفسه كصوتٍ لجيلٍ جديدٍ من السياسيين المؤمنين بالرقمنة والانفتاح.
غير أنّ هذا الانفتاح، بدل أن يُنتج رؤيةً ثقافيةً جديدة، تحوّل إلى فوضى رمزية تُدار بمنطق التسويق لا بمنطق الإبداع.
فمن حفلات «طوطو» إلى ترخيص «أزرق القفطان»، صار الجدل هو الأداة المفضّلة لصناعة الحضور، وصارت الأخلاق العامة تُقاس بعدد المشاهدات لا بمعيار القيمة الفنية أو الجمالية.
الشكاية وجّهت للمركز السينمائي اتهاماتٍ تتعلق بمنح تراخيص لأفلامٍ تتضمّن إيحاءاتٍ جنسية وشذوذاً صريحاً، وتمويل أعمالٍ «تمسّ القيم المجتمعية»، فيما حمّلت الوزير مسؤوليةً سياسية عن هذا التوجّه الذي يجعل الحرية الفنية تذوب في تسليعٍ متسرّعٍ للثقافة.
أما «الهاكا»، فاتهمتها الجمعية بـ«التساهل الممنهج»، بعد حفظ عشرات الشكايات ضد القناة الثانية إثر بثّ سهرة «طوطو»، معتبرةً أن ذلك يشكّل «انتصارًا لمعايير أجنبية على حساب المرجعية الوطنية.»
لكن خلف الضجيج القانوني، ينبثق سؤال أكثر عمقًا:
هل يعيش المغرب فعلاً صراعًا بين الفن والأخلاق، أم بين وزيرٍ يبحث عن الضوء وجمهورٍ يبحث عن المعنى؟
فالثقافة لم تعد مجرّد دعمٍ للمهرجانات أو تمويلٍ للأفلام، بل أصبحت مرآةً دقيقةً لما تبقّى من الثقة بين الدولة والمجتمع.
لقد نجح بنسعيد في تحويل وزارته إلى مسرحٍ للحداثة الشكلية، حيث تُرفع شعارات الإبداع والانفتاح بينما تغيب الرؤية الفكرية والعمق الإنساني.
فالانفتاح بلا بوصلة ليس مشروعًا ثقافيًا، بل تسويقٌ جميل لفوضى أخلاقيةٍ مغلّفةٍ بالحداثة.
إنّ الحرية التي لا تحمي القيم تفقد معناها سريعًا، كما أنّ القيم التي تُخنق الإبداع تقتل الروح قبل أن تحفظ الجسد.
هذه الشكاية مهما بدت محافظة تكشف خللًا أعمق في إدارة التوازن بين الحرية والمسؤولية، بين الإبداع والالتزام، بين ما يُعرض باسم الفن وما يُخفى باسم المصلحة العامة.
فالثقافة ليست عدد الأفلام المرخَّصة ولا عدد الحفلات المُمَوَّلة، بل هي سؤالٌ عن نوعية المعنى الذي تمنحه الدولة لمواطنيها.
القضية ليست بين جمعيةٍ ووزير، بل بين رؤيتين لمغربٍ واحد:
مغربٍ يرى الفن مرآةً للقيم، وآخر يراه مجرّد وسيلةٍ للترويج السياسي والفرجة العابرة.
وبينهما، تتأرجح الثقافة المغربية بين الضوء والظل… بين الحرية التي تُنير الطريق، والضجيج الذي يُطفئها.
