From Parliament to Facebook: Fatima El Tamni Exposes the Disguised Liberalism in Morocco’s Education System

تبدو الحكومة المغربية وكأنها تسابق الزمن لتمرير جملةٍ من مشاريع القوانين التي ستعيد رسم ملامح العقد الاجتماعي المقبل، دون أن تُلقي بالًا للأزمات اليومية التي يعيشها المواطن في الصحة والتعليم وغلاء المعيشة.
إنها مقاربةٌ تُقدّم الشكل على المضمون، والإصلاح القانوني على العدالة الاجتماعية.

وسط هذا الحراك التشريعي المتسارع، يبرز مشروع قانون التعليم المدرسي رقم 59.21 بوصفه أحد أكثر النصوص إثارةً للجدل، لما يحمله من تحوّلٍ جذريٍّ في فلسفة التعليم العمومي.
النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن حزب اليسار الديمقراطي، خرجت من منبر البرلمان إلى فضاء الفيسبوك لتعبّر عن موقفٍ صريحٍ من المشروع، واصفةً إياه بأنه “إعادة هيكلة مبيّتة للمدرسة العمومية بمنطق السوق، في تناقضٍ صارخٍ مع مبدأ المجانية وروح الدستور التي تجعل من الدولة الضامن الأساسي للحق في تعليمٍ عموميٍّ جيدٍ ومنصف”.

في تدوينتها التي لاقت تفاعلًا واسعًا، حذّرت التامني من أن الحكومة تسير نحو خوصصةٍ مقنّعةٍ تحت شعارات براقة مثل “الشراكة” و“النجاعة”، في وقتٍ يتدهور فيه الواقع التعليمي وتُجهز الإصلاحات التقنية على الاستقرار المهني لنساء ورجال التعليم.
لم يكن موقفها مجرد رفضٍ سياسي، بل صرخةٌ فكرية ضد التحوّل الصامت الذي يطال المدرسة المغربية: من فضاءٍ عموميٍّ لتكافؤ الفرص، إلى سوقٍ لتبادل الخدمات وفق منطق العرض والطلب.

تحليل التامني يعرّي تناقضًا هيكليًا في السياسات العمومية:
دولةٌ تتحدّث باسم العدالة الاجتماعية، لكنها تُمارس الليبرالية في صلب الخدمات الأساسية.
فمشروع القانون، وإن بدا إداريًا في شكله، يعيد طرح سؤالٍ جوهري حول هوية المدرسة المغربية: هل هي مؤسسةٌ لصناعة المواطنة، أم مقاولةٌ لإنتاج الموارد البشرية حسب حاجات السوق؟

في خلفية هذا النقاش، تتقاطع رؤيتان متناقضتان:
إحداهما تعتبر التعليم حقًا وطنيًا غير قابلٍ للتفويت، والأخرى تراه مجالًا للاستثمار والشراكة.
وبينهما يقف المواطن المغربي أمام مفترقٍ رمزيٍّ حاسم: هل ستبقى المدرسة العمومية آخر حصون المساواة، أم ستُسلَّم بدورها إلى منطق السوق تحت لافتة “الإصلاح”؟

موقف فاطمة التامني وإن نُشر على الفيسبوك يتجاوز إطار التدوينة ليُعيد فتح نقاشٍ سياسيٍ أعمق حول مفهوم الدولة الاجتماعية نفسها.
إنه تحذيرٌ من زحفٍ ليبراليٍّ صامت يتسلل عبر القوانين، لا عبر التصريحات، ويُفرغ الحقوق من مضمونها باسم “التحديث” و“النجاعة”.

ما كتبته التامني ليس فقط اعتراضًا على مشروعٍ تعليميٍّ محدد، بل تذكيرٌ بأن التعليم ليس مجالًا للتجريب السياسي، ولا سلعةً للمزايدة الاقتصادية.
فحين تُقاس قيمة المدرسة بميزان الربح، يُفقد التعليم روحه، وتفقد الدولة إحدى ركائزها الأخلاقية الكبرى.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version