When Dignity Retires… The Generation That Built the State and Was Forgotten by the Government

بقلم: هيئة تحرير Crash Siyasi

حين تُحال الكرامة على التقاعد، يفقد الوطن جزءًا من ذاكرته.
فلا شيء يعرّي جوهر الدولة أكثر من طريقتها في التعامل مع من خدموها؛ أولئك الذين صنعوا الإدارات والمستشفيات والمدارس، ثم وجدوا أنفسهم اليوم يقيسون ما تبقّى من عمرهم بمعاشٍ لا يكفي لشراء الدواء.

بعد البلاغ الملكي الصادر بتاريخ 19 أكتوبر 2025، الذي دعا إلى تحسين أوضاع المتقاعدين، ساد أملٌ قصير بأن صفحة الإنصاف ستُفتح أخيرًا.

غير أن الحكومة بدت كمن أصغت إلى التوجيهات بأذنٍ مالية لا اجتماعية؛ فالأرقام بقيت جامدة، والمعاشات راكدة، وكأن التضخم يصيب الأسواق فقط لا البشر.

رفعت هيئة المتقاعدين المدنيين مذكرة إلى رئيس الحكومة تطالب فيها بزيادةٍ عادلة في المعاشات، ومراجعةٍ دوريةٍ تواكب مؤشرات الأسعار والتضخم.

لم يطلبوا امتيازًا، بل حياةً كريمة تحفظ الحد الأدنى من الكرامة بعد عقودٍ من الخدمة.

الآلاف من المتقاعدين يعيشون اليوم على حافة العوز؛ منهم من يقترض لاقتناء دوائه، ومنهم من يتنازل عن العلاج ليُسدّد الفواتير، ومنهم من يخجل من أبنائه لأنه صار عبئًا بعد أن كان سندًا.
ورغم ذلك، تواصل الحكومة ترديد شعار “الدولة الاجتماعية” وكأنه تعويذةٌ لغوية لا التزامٌ واقعي.

اقترحت الهيئة إحداث صندوق دعمٍ خاص بالمتقاعدين، وتوسيع التغطية الصحية، وتخصيص يومٍ وطنيٍّ للاحتفاء بهم. غير أن الواقع يقول إنهم يعيشون كل أيامهم كأنها يوم نسيانٍ وطنيٍّ دائم.

المفارقة المؤلمة أن الحكومة ترفع شعار “الاستثمار في الرأسمال البشري” بينما تهمل الذين كانوا ذلك الرأسمال نفسه.
لقد بنوا الإدارة التي تُدير اليوم ظهرها لهم، وعلّموا الأجيال التي تحكمهم، وساهموا في بناء مؤسسات الدولة التي تنساهم.

إن الدولة التي تُهمل متقاعديها لا تعاني من عجزٍ في الميزانية، بل من عجزٍ في الامتنان.
فالكرامة لا تُدرج في جداول النفقات، بل تُقاس بقدرة الدولة على ردّ الجميل لمن صنعوا استمراريتها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version