Minister of Family Justifies Fragility: Even Begging Has a Strategy in Morocco

وزيرة الأسرة والتضامن والإدماج الاجتماعي، نعيمة بن يحيى، قدّمت أمام البرلمان اعترافًا نادرًا في اللغة الحكومية: القضاء على التشرّد والتسوّل في المغرب لن يتحقق لا في سنةٍ واحدة ولا في ولايةٍ حكوميةٍ واحدة.
تصريحٌ بدا في ظاهره واقعيًا، لكنه في جوهره يُكرّس ثقافة التبرير أكثر مما يعكس إرادة الإصلاح.
فعندما تتحوّل “الاستراتيجية” إلى ذريعة، يصبح الفقر سياسةً عموميةً لا حالةً اجتماعية.

الوزيرة أوضحت أن “المسؤولية جماعية”، معتبرةً أن “المواطنين الذين يمنحون المال لمتسولين يستغلون الأطفال، يساهمون دون قصد في استمرار الظاهرة”، داعيةً إلى “الوعي والوقاية”.
غير أن هذا الخطاب، الذي يُحمّل المواطن جزءًا من المسؤولية، ينقل البؤس من الشارع إلى الضمير العام، ويحوّل الضحية إلى شريكٍ في الأزمة بدل أن يكون محور الحل.

الحكومة بدورها أعلنت أرقامًا دقيقة:

11 مليون درهم لاقتناء وحداتٍ متنقلة للمساعدة الاجتماعية،

16.53 مليون درهم لدعم 31 مؤسسة تُعنى بالمشرّدين،

وتجهيز مراكز جديدة لاستقبال الفئات الهشّة.

لكن الأرقام، مهما كانت دقيقة، تعكس منطق التسيير لا منطق التغيير.
فالمقاربة ما تزال إدارية أكثر منها إنسانية، ومرحلية أكثر منها بنيوية، تُعالج النتائج وتغفل الأسباب.
والتسوّل في المغرب ليس سلوكًا فرديًا، بل نتاجُ منظومةٍ اقتصاديةٍ تُعيد إنتاج الهشاشة جيلاً بعد جيل.

تؤكد بن يحيى أن “الرهان الحقيقي هو الوقاية من المنبع”، غير أن المنبع نفسه هو ما يحتاج إلى وقاية: الأسرة المتعبة من الغلاء، والشباب العاطل، والمدرسة التي فقدت دورها في الإنقاذ الاجتماعي.
فكيف تتحقق الوقاية حين تفقد الدولة أدوات الحماية، ويُترك المواطن ليواجه هشاشته بوعيٍ مجرّد؟

تصريح الوزيرة ليس مجرد تبريرٍ عابر، بل صورةٌ ذهنيةٌ لمنظومةٍ تدير الفقر كما تُدير الميزانية: بحساباتٍ دقيقة وضميرٍ غائب.
كل شيء محسوب بالأرقام، إلا الكرامة التي لا مكان لها في الجداول.

في المحصلة، التسوّل في المغرب لم يعد ظاهرةً اجتماعيةً بل مقياسًا أخلاقيًا لسياساتٍ فقدت بوصلة العدالة.
وما لم تتحوّل الخطط إلى أفعال، سيبقى الشارع هو المرآة الوحيدة التي تعكس الحقيقة… بوضوحٍ مؤلم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version