When Public Money Is Milled Instead of Wheat: A 16-Billion-Dirham Scandal Shakes Morocco’s Parliament
السياسة في المغرب تعرف كيف تبرمج الأرقام، لكنها ما زالت تفشل في برمجة العدالة.
في لجنة المالية بمجلس النواب، خرج صوت من قلب الأغلبية الحكومية ليكشف ما يشبه الفضيحة: شركات دقيقٍ “تطحن الأوراق فقط” وتستنزف دعمًا عموميًا يقدّر بـ16 مليار درهم سنويًا، بلا مراقبة ولا محاسبة.
البرلماني هو أحمد تويزي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، أحد أركان التحالف الحاكم، الذي لم يتردد في القول إن “الدقيق المدعم الذي يُفترض أن يصل إلى الفقراء غير صالحٍ للأكل”.

كشفت مصادر إعلامية أن هذه المداخلة جاءت خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، لتتحول إلى صرخةٍ سياسية داخل بيتٍ كان يُفترض أن يدافع عن منجز الحكومة، لا أن يفضح هشاشتها.
تويزي طالب بإعادة النظر جذريًا في منظومة الدعم: “عندنا السجل الاجتماعي الموحد، عطاو المغاربة 500 درهم يشريو بها السكر والدقيق بثمنهم، لأن الأغنياء هوما اللي كيربحو من الدعم اليوم.”
هكذا، بلغةٍ بسيطة، فضح حقيقةً صعبة: الدعم في المغرب لا يذهب إلى من يستحق، بل إلى من يعرف الطريق إليه.

القصة أعمق من دقيقٍ فاسد.
إنها قصة دولةٍ تواصل ضخ المليارات في أنابيب مثقوبة، فيما المواطن ينتظر فتات الدعم كما ينتظر الأمل في طابورٍ طويل.
المشكل لم يعد في السوق، بل في المنظومة التي جعلت من الفساد قابلًا للتقنين، ومن الريع لغةً رسمية لتدبير ما يُسمّى “العدالة الاجتماعية”.

حين يتحول “الدقيق المدعم” إلى مجازٍ عن المغرب العميق، فذلك لأن ما يُطحن في الحقيقة هو الثقة.
الثقة في أن الدعم يُمنح للفقراء لا للمحظوظين، والثقة في أن الإصلاح لا يُقاس بالبلاغات، بل بالنتائج التي تلمسها يد المواطن قبل أن يسمعها في نشرات الأخبار.

تويزي، وهو من أبناء الأغلبية، لم يتحدث كمعارض، بل كمغربيٍّ يرى مفارقةً مؤلمة: مغربٌ يشيد المصانع والمطارات والهيدروجين، ومغربٌ آخر لا يجد خبزًا صالحًا للأكل.
بين الاثنين، تضيع فكرة الدولة الاجتماعية، ويتحوّل شعار “العدالة المجالية” إلى جملة جميلة في خطابٍ ملكي ينتظر من يطبّقه بضميرٍ لا بميزانية.

16 مليار درهم ليست مجرد رقم في قانون المالية، بل مرآةٌ تُظهر من يربح من هذا الوطن ومن يواصل الخسارة فيه.
والسؤال الذي يظل معلقًا فوق المائدة:
من يطحن من؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version