Bensaïd Bets on Culture as an Alternative Economy — But Art Doesn’t Feed the Hungry

الاقتصاد المغربي يترنّح بين وعود التشغيل وموجات البطالة، بينما يختار وزير الثقافة والشباب والتواصل مهدي بنسعيد أن يجعل من “الثقافة” طريقًا نحو الإنقاذ الاقتصادي.
رهانٌ يخلط بين الإبداع والسياسة العمومية، ويحوّل الفن إلى مشروعٍ استثماري يُقاس بالأرقام لا بالأثر.

في عرضه أمام البرلمان يوم أمس الإتنين، قدّم بنسعيد حصيلة تبدو مبهرة:
استثمارات بلغت 1.5 مليار درهم في الصناعة السينمائية خلال سنة 2024، وإقبال يقارب مليوني متفرج على القاعات، وارتفاع رقم المعاملات إلى 127 مليون درهم لأول مرة.
لكن خلف هذه اللغة المبهجة بالأرقام، يلوح واقعٌ اجتماعيٌ صامت: شبابٌ لا يبحث عن تذكرة سينما، بل عن تذكرة خروج من البطالة.

الوزير يسوّق الفن كحلٍّ اقتصادي، وكأن الثقافة قادرة وحدها على علاج الاختلالات البنيوية في سوق الشغل.
إلا أن تحويل الإبداع إلى منتجٍ تجاري دون عدالةٍ اجتماعية يُفرغ الثقافة من جوهرها ويحوّلها إلى ديكورٍ حكومي جميل يخفي هشاشة الواقع.
فما فشل فيه الاقتصاد لا يمكن للفن أن يرمّمه بالإضاءة والمؤثرات.

منطق “المقاولة الثقافية” الذي يروّج له بنسعيد قد يبدو حديثًا في الخطاب، لكنه يعيد إنتاج نفس الفلسفة القديمة: التنمية عبر المشاريع، لا عبر الإنسان.
فحين تُختزل الثقافة في رقمٍ استثماري، يفقد الفن معناه التحرّري، وتتحوّل القاعة السينمائية إلى واجهةٍ جميلة لسياسةٍ فقيرةٍ في العدالة.

صحيح أن الصناعة السينمائية المغربية تشهد نموًا واضحًا، وأن الاستثمارات الأجنبية تتزايد،
لكن القاعدة العريضة من الشباب لا ترى في هذا النمو سوى مشهدٍ جميل يُعرض على شاشةٍ لا تمتدّ إلى واقعها.
الفرص الحقيقية ما زالت محدودة، والدعم الفني ما زال محكومًا بمنطق التوزيع أكثر من منطق الاستحقاق.

الثقافة، في جوهرها، ليست ترفًا اقتصاديًا بل فعل وعيٍ ومواطنة.
لكن حين تتحوّل إلى شعارٍ لتغطية أزماتٍ أعمق، تفقد قدرتها على التغيير وتتحوّل إلى مرهمٍ تجميلي لجرحٍ مفتوح.

الفن يُجمّل الحياة، لكنه لا يُطعم الجائعين.
وبنسعيد، في رهانِه على الثقافة كاقتصادٍ بديل، يضع الكاميرا في مواجهة البطالة،
متناسيًا أن الواقع لا يُصلَح بعدسات السينما، بل بعدالةٍ في توزيع الفرص.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version