When the Opposition Prays Against the Government… Say Goodbye to the Economy
في قبة البرلمان، لم يكن النقاش حول قانون المالية تمرينًا في المحاسبة، بل مشهدًا من مشاهد الاعتراف الجماعي بالفشل. المعارضة هذه المرة لم تتحدث بلغة السياسة، بل بلغة الدعاء: الرجوع لله.
عبارة تختصر درجة الإنهاك الوطني حين يفقد الاقتصاد نبضه، وتتحوّل المالية العمومية إلى مرثية مكتوبة على ورقٍ رسمي.
حين يبدأ النقاش المالي بلغة الدعاء، فاعلم أن الاقتصاد وصل مرحلة “الرجوع لله”.
في البرلمان، المعارضة تتكلم بضمير الوطن، والحكومة ترد بلغة التسويق الرقمي. البلاد فقدت نبضها بين من يتلو الأرقام… ومن يتلو الفاتحة.
عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، كان الأكثر قسوة والأكثر صدقًا. قالها بلا مجاز: “الله يغفر لحكومة الكفاءات ما اقترفته من ذنوب في حق المغاربة.”
خلف هذه الجملة تختبئ الأرقام الثقيلة: مديونية تتجاوز 1124 مليار درهم، بطالة عند 13.3 في المئة، ومجلس أعلى للحسابات لم يصادق على حسابات الحكومة منذ ثلاث سنوات.
الواقع كما وصفه شهيد ليس اقتصادًا ينهض، بل ميزانية تتجمّل أمام الكاميرا، بينما المواطن يختنق في طوابير الانتظار.
إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، اختصر الموقف بجملة تليق بزمن الشك: “المواطن هو الحاكم الحقيقي.”
دعا إلى تقييم فعلي للحصيلة، لا بالبلاغات، بل بما يعيشه الناس في الأسواق والمستشفيات والبيوت.
تساءل بمرارة: “فين هو التشغيل؟” ثم أضاف: “المغاربة بغاو الحقيقة… وبغاو شوية أمل.”
في بلدٍ تُفرض فيه الضرائب على الفقراء ويُعفى فيه الأغنياء، لم تعد العدالة الاجتماعية مطلبًا، بل حلماً مؤجلاً.
رشيد حموني، باسم التقدم والاشتراكية، صاغ الموقف بلغة صريحة لا تحتاج إلى تأويل.
قال إن خطاب الأغلبية اتسم بـ“العجرفة والتجبر والوعيد”، وحذّر من الاحتقان والفراغ وانعدام الثقة.
ثم أطلق سؤاله الذي دوّى في القاعة: “وشكون الشوافة لي قالت ليكم باقيين حتى 2030؟” في بلدٍ يتحدث عن الاستمرارية كقدرٍ أبدي، كانت الجملة بمثابة صفعةٍ ناعمة للغطرسة السياسية.
بين معارضةٍ تستشهد بالدين لتصف الأزمة، وحكومةٍ تتشبث بالأرقام لتجمّل العجز، يقف المواطن في منتصف الطريق: منهكًا، متعبًا، بلا أملٍ ولا عنوان.
خمس قوانين مالية، خمس سنوات من التسويق الوردي، وخمس أزمات متراكمة في الأسعار والضرائب والبطالة. هذا ليس “إصلاحًا”، بل إدارة باردة للألم الوطني.
المعارضة قالت “الرجوع لله”، لكن الشعب سبقها إلى العبارة نفسها منذ زمن، وهو يرى الوطن يُدار بعقلية المقاولة، وتُختزل السياسة في ملخّصاتٍ تقنية.
ربما آن الأوان للرجوع إلى الأصل: إلى الإنسان قبل الأرقام، إلى الوطن قبل الخطاب، إلى الحقيقة قبل الوعود.
