Social Security Seats Tailored to Fit… While the Citizen Is Left Out of the Government’s Equation

الحكومة تتحدث عن العدالة الاجتماعية وكأنها مشروع هندسي تُقاس فيه التفاصيل بالمليمتر،
لكن الواقع يفضح أن ما يُفصَّل بعناية ليس السياسات الاجتماعية… بل المقاعد التي تُوزَّع حول طاولة القرار .

صادق مجلس الحكومة، أمس الخميس، على المرسوم رقم 2.25.641 المتعلّق بالمجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، في خطوةٍ تبدو تقنية في ظاهرها، لكنها سياسية في عمقها .
مرسومٌ جديد يحدّد تمثيلية الدولة داخل المجلس الإداري، وكيفية تعيين الأعضاء بقرار من رئيس الحكومة، مع تحديد عدد المقاعد المخصصة للنقابات والمشغلين.

لكن خلف هذا التنظيم الإداري “الهادئ” تخفي الحكومة محاولة جديدة لإعادة رسم خريطة السلطة داخل واحدةٍ من أهم مؤسسات العدالة الاجتماعية في المغرب .
المرسوم لا يحدّد فقط من سيجلس على المقاعد، بل يحدّد أيضًا من سيُقصى منها .
فتمثيلية الشغالين والمشغلين لم تعد مجرّد مشاركة اجتماعية، بل أصبحت هندسة سياسية دقيقة تُدار من مكاتب رئاسة الحكومة .

هكذا تتحوّل مؤسسةٌ وُجدت لحماية المواطن إلى فضاءٍ لتوزيع المواقع، ويصبح “الضمان الاجتماعي” اسمًا جميلًا يُخفي وراءه واقعًا إداريًا جامدًا.
كان من المفترض أن يكون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤسسة تُجسّد روح العدالة والإنصاف،
لكن مع هذا المرسوم، تحوّل إلى نموذجٍ مصغّر لطريقة إدارة الدولة نفسها: قرارات تُتّخذ من الأعلى، وحقوق تُناقَش من دون أصحابها .

فبدل أن تنشغل الحكومة بإصلاح منظومة التقاعد أو تحسين جودة الخدمات أو ضمان حقوق المأجورين، اختارت أن تُصلح ما تعرفه جيدًا: الكراسي والمناصب .

تتحدث الحكومة عن ملايين المستفيدين ومليارات الدراهم ومؤشرات النجاح، لكن هذه الأرقام تظلّ بلا روح، لأنها لا تُجيب عن السؤال الأهم:
من يُمثّل فعلاً المواطن داخل مؤسسات الحماية الاجتماعية؟

حين تكون المقاعد موزّعة بالتعيين، والقرارات محسومة سلفًا، تتحوّل العدالة الاجتماعية إلى مشهدٍ تمثيليٍّ منضبط الإيقاع .
المغاربة لا يريدون أرقامًا تُقال في البرلمان، بل مقاعد تمثيلية حقيقية تُنصت لصوتهم .

تُقدّم الحكومة نفسها كمهندسة للدولة الاجتماعية، لكنها تبنيها من الأعلى إلى الأسفل ،
فتبدو الدولة الاجتماعية في المغرب كبرجٍ إداريٍّ مُحكم الهندسة، لكنه بلا سلالم تصل إلى المواطن .

ما فائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إن لم يكن المواطن نفسه في صُلب معادلاته؟
وما قيمة التمثيلية إن كانت تُدار بمراسيم فوقية لا بانتخابات شفافة؟

المرسوم 2.25.641 ليس تفصيلًا تقنيًا، بل صورة مصغّرة عن طريقة اشتغال الدولة في زمن “العدالة الإدارية”.
تنظيمٌ للكراسي بدل تنظيمٍ للحقوق، وحسابات سياسية دقيقة تُقصي المواطن من قلب المشروع الاجتماعي.

فمقاعد الضمان الاجتماعي تُفصَّل على المقاس الإداري ، لكن المواطن، كالعادة، خارج القياس… وخارج الحسابات .

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version