15.7 Billion Tax Exemptions for Private Clinics… Transparency on Life Support
المفارقات في المغرب لا تحتاج إلى مجهرٍ طبي، بل إلى ميزان عدالةٍ جبائية.
المواطن يئنّ تحت كلفة العلاج، بينما المصحات الخاصة تتنفس أوكسجين الامتيازات .
مشروع قانون المالية لسنة 2026 يكشف عن إعفاءاتٍ ضريبية للمصحات تقدَّر بـ 15,7 مليار سنتيم، أي 157 مليون درهم، وكأن الدولة قررت أن تُعالج القطاع الصحي من الضرائب قبل أن تُعالج المواطن من المرض .
الخطاب الرسمي يتحدث عن “تشجيع الاستثمار الصحي”، لكن الواقع يقول شيئًا آخر: ما يُستثمر اليوم هو الألم، وما يُسوَّق هو المعاناة.
التعريفة المرجعية نائمة في غرفة الإنعاش منذ 2006 ، والأسعار ترتفع بانتظام سريري ، بينما الحكومة تكتفي بقياس النبض المالي دون أن تلاحظ النزيف الاجتماعي .
الإعفاءات الإجمالية ستتجاوز 17 مليار درهم سنة 2026، جزء معتبر منها موجه للقطاع الخاص الذي يبيع الخدمة بأثمنةٍ فلكية ويمنح الأمل على أقساط.
الدولة تتنازل عن موارد ضخمة دون مقابلٍ اجتماعي، لتتحول النية الحسنة إلى ريعٍ صحيٍّ أنيق: دواء مغطّى بورق تحفيزي لا يُشفي أحدًا.
العدالة الجبائية تبدو على الورق، لكنها لا تصمد أمام فاتورةٍ حقيقية.
كل درهمٍ تُعفيه الدولة يُعوَّض بدرهمٍ من جيب المواطن، عبر ضرائب الاستهلاك والمحروقات.
المصحة ترفع الأسعار باسم الجودة، والدولة ترفع الشعارات باسم الإصلاح، والمريض يرفع يديه إلى السماء … في انتظار دورٍ لا يأتي.
في عالم المصحات الخاصة، المرض سلعة، والشفقة خيارٌ تجاري.
المريض لا يغادر إلا بعد تسوية الحساب، والجثة لا تُسلَّم إلا بعد توقيع الفاتورة.
الألم يُدفع نقدًا، والعزاء يُؤدَّى في الشباك.
ورغم ذلك، تُمنح هذه المؤسسات إعفاءاتٍ كأنها جمعيات خيرية لا مقاولات ربحية، كأن الإنسانية أصبحت بندًا محاسبيًا يمكن خصمه ضريبيً.
الإعفاء ليس خطأ في ذاته، لكنّه يتحول إلى عبءٍ حين لا يُربط بالواجب الاجتماعي.
الدولة التي تُعفي المصحات من الضريبة على القيمة المضافة،
مطالَبة بأن تُعفي المواطن من ضريبة المرض، أو على الأقل من شعور الإهانة عند مواجهة الأسعار.
فالشراكة بين القطاع العام والخاص لا تُقاس بعدد الصفقات، بل بعدد الأرواح التي لا تُترك على باب المصحة بحثًا عن وصل الأداء .
الشفافية اليوم في العناية المركزة ، والضمير المهني في عطلةٍ طويلة الأمد ، أما المواطن… فما زال ينتظر دوره في غرفة انتظار الوطن.
