Your ID Becomes a Legal Witness… Wahbi Declares: “The Law Shows No Mercy for Anyone!”

العدالة المغربية تدخل زمنًا جديدًا عنوانه “الصرامة بالعنوان”.
فابتداءً من الثامن من دجنبر المقبل، لن يكون العنوان المسجّل في بطاقة التعريف الوطنية مجرّد معلومةٍ إدارية، بل وثيقة قضائية نافذة قد تُغيّر مصير صاحبها من متقاضٍ إلى مدانٍ في لمح البصر.

وزير العدل عبد اللطيف وهبي خرج، خلال الجلسة البرلمانية التي انعقدت أمس الاثنين، بعباراتٍ أقرب إلى التبليغ العام منها إلى النقاش التشريعي.
فالرجل قالها صريحةً بلهجةٍ لا تحتمل اللبس ولا التأويل:

“اللي ما بدّلش العنوان ديالو فبطاقة التعريف، وخرج عليه حكم جنحي، غادي يمشي للحبس وينفذ العقوبة.”

هكذا بكل بساطة.
لا مجال بعد اليوم للأحكام الغيابية، ولا لتعليل “ما توصلتش بالتبليغ”، فالقانون الجديد بمقتضى تعديلات قانون المسطرة الجنائية جعل من العنوان الشخصي المحدد في بطاقة التعريف مرجعًا قضائيًا قاطعًا، لا يقبل الجدل ولا المراجعة.

النيابة العامة ستعتمد هذا العنوان لتنفيذ الاستدعاءات والأحكام، وإذا لم يُعثر على المعني بالأمر في المكان المذكور، فالتبليغ يُعتبر قانونيًا، والحكم يُنفَّذ كما لو كان حضورياً.

الوزير أوضح أن هذا الإجراء يهدف إلى إنهاء فوضى “التبليغ التقليدي” الذي كان يُعطّل مسار العدالة ويُفرّغ الأحكام من فعاليتها.
لكن طريقة الخطاب، ولغته الحادّة، أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط القانونية والحقوقية،
خصوصًا حين ختم وهبي تصريحه بعبارةٍ تحمل نغمة تحذير واضحة:

“راه ما بقى يترحم حتى شي واحد… هادشي اللي عطا الله.”

بين النية الإصلاحية والقلق الحقوقي
لا شك أن الوزير يُريد وضع حدٍّ لظاهرة “الاختفاء القانوني” التي يلجأ إليها بعض المتقاضين للهروب من الأحكام أو تعطيلها، لكن في المقابل، يطرح القانون الجديد أسئلة حساسة:
هل كل المواطنين قادرون فعلاً على تحديث عناوينهم في الوقت المناسب؟
وماذا عن المغاربة المقيمين بالخارج؟ أو الذين يغيّرون السكن دون استقرار دائم؟

القانون لا يفرّق هنا بين من تهرّب عمدًا، ومن تغيّر سكنه صدفةً أو قسرًا.
وهذا ما يجعل الإصلاح محفوفًا بالمخاطر إن لم تُواكبه حملة توعية وطنية واسعة وتسهيلات إدارية عملية،
لأن العدالة لا يمكن أن تتحقق بالعقاب فقط، بل بالمعرفة أيضًا.

وهبي بين “الإصلاح بالتهديد” و“الصرامة بالنية”
عبد اللطيف وهبي يواصل فرض أسلوبه الخاص في تدبير ورش العدالة:
صراحة مباشرة، تصريحات صادمة، وقرارات تسبق النقاش العام.
فبعد أن وعد سابقًا برقمنة المساطر وتبسيط الإجراءات، ها هو اليوم يُعلن دون مواربة نهاية “الزمن الورقي” وبداية زمن العدالة الرقمية…
لكنها عدالة بوجهٍ إداريٍ صارم لا يعرف المزاح.

القانون الجديد يدخل ضمن حزمة تعديلاتٍ على قانون المسطرة الجنائية، تشمل إعادة تنظيم مسطرة التبليغ والإجراءات المرتبطة بالمحاكمات الغيابية، في أفق تقليص آجال البت في القضايا وتسريع تنفيذ الأحكام.

غير أن الخطاب الذي رافق هذا التحول بدا أقرب إلى “إعلان طوارئ إدارية” منه إلى إصلاحٍ تواصلي متدرّج،
خصوصاً عندما قال الوزير عبارته الشهيرة:

“من 8 دجنبر فـ12 ديال الليل، كلشي غادي يدخل حيّز التنفيذ.”

العدالة في زمن الـGPS
المفارقة أن الدولة تسير نحو رقمنة القضاء وربطه بالمعطيات الشخصية، لكنها في الوقت نفسه تُحمّل المواطن عبء المتابعة التقنية الدقيقة، وكأن العدالة أصبحت تحتاج إلى تطبيق “تحديد الموقع القضائي” بدل ساعي البريد.

بعد اليوم، من لم يُحدّث بطاقته، فقد يُدان ببطاقته، ومن لم يفتح باب بيته للتبليغ، قد يجد نفسه يتلقى الحكم على بابه دون علمه.

إنها مرحلة جديدة تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والقانون، بين “الحق في الدفاع” و“واجب التحديث”، وبين العدالة التي تبحث عن السرعة… والمواطن الذي ما زال يبحث عن الأمان.

في النهاية، وهبي بلّغ الرسالة بنبرة لا تقبل الجدل:
القانون حاضر، المواطن تحت المراقبة، والبطاقة الوطنية أصبحت أول شاهدٍ ضدّ صاحبها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version