Talhiyant Women Walk Barefoot for Dignity… While Bensaïd Dreams of a Gaming City

نساءٌ يسيرن على الأقدام في صمتٍ مبللٍ بالكرامة.
وجوهٌ حمراء من برد الأطلس، وأطفالٌ على الظهور، وأعلامٌ وطنية ترفرف فوق الغبار، لا فوق المنصات.
ذلك هو المشهد الذي عاشته منطقة تالحيانت بإقليم خنيفرة، حين خرجت عشرات النساء في مسيرةٍ احتجاجيةٍ طويلة نحو مقر العمالة، للمطالبة بأبسط الحقوق: طريق معبّدة، ماء صالح للشرب، نقل مدرسي، وإسعافٌ يمكنه الوصول قبل فوات الأوان .

كشفت مصادر إعلامية أنّ المسيرة قوبلت بتدخّلٍ أمنيٍّ لمنعها، في صورةٍ تختصر معاناة القرى المغربية مع التهميش.
النساء لم يخرجن ضدّ الدولة، بل في سبيل أن تراهن الدولة.
خرجْن لا ليعارضن، بل ليذكّرن بأنّ التنمية لا تصل إلا حين تمشي على الأقدام.

في تلك اللحظة، كان المشهد في الرباط مختلفًا تمامًا:
وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد يتحدّث بحماسةٍ عن “مدينة الألعاب الإلكترونية” و“اقتصاد الميتافيرس”، ويدعو إلى الاستثمار في “عقول الشباب المبدعين”، بينما نساء الأطلس يستثمرن أجسادهن في مسيرةٍ من الطين نحو الحياة .

البلد الذي تحلم وزارته بمصانع لصناعة الألعاب، لا يملك طريقًا يربط بين دوارٍ ومدرسة.
والوزير الذي يتحدث عن التحوّل الرقمي الثقافي، لم يسمع بعدُ صدى الأقدام التي تقطع الكيلومترات طلبًا للماء أو للدواء.

المفارقة مؤلمة بقدر ما هي ساخرة:
نحن نبني “مدينةً للألعاب” بينما القرى تلعب لعبة الصبر على العزلة.
نرسم خرائط رقمية للمستقبل، فيما خرائط الطرق الواقعية ما زالت متقطعة ومهترئة.

في المغرب، التنمية لا تقاس بعدد المهرجانات ولا بعدد الجوائز التي توزّعها الوزارة، بل بعدد الكيلومترات التي لا تضطر فيها النساء للمشي حفاةً ليصلن إلى الدولة.

الحداثة لا تبدأ من شاشة الحاسوب، بل من تعبيد الطريق نحو المدرسة.
والإبداع الحقيقي ليس في تصميم لعبة جديدة، بل في إعادة الحياة إلى قرى نُسيت من فرط الصمت.

نساء تالحيانت لم يقدمن درساً في الاحتجاج، بل درساً في المواطنة.
وحين تنتهي تلك المسيرة، سيبقى السؤال معلّقاً بين الجبال والشاشة:
هل سنواصل بناء مدنٍ افتراضية، بينما القرى الحقيقية تغرق في الطين؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version