The Tractor Defends Its Political Flour… While the Statement Sprinkles Constitutional Sugar on Burnt Words
الورق ما بقاش كيتطحن بوحدو… اليوم كيتغسل بالحَصانة.
بعد الزوبعة التي أثارتها عبارة “طحن الورق مع الدقيق”، خرج حزب الأصالة والمعاصرة ببلاغٍ رسمي يشبه نشرة غسيل سياسية، يحاول فيها تبييض ما التصق بعبارته من طحينٍ إعلاميٍّ ثقيل.
البلاغ بدا وكأنه إعلان لمسحوق دستوري جديد: “حصانة أكتيف ضد البقع القضائية” .
الحزب، الذي وجد نفسه في قلب عاصفة الرأي العام، لم يناقش جوهر المسألة أي مصير المال العمومي الموجّه لدعم الدقيق بل ركّز على “كرامة النائب وحرية الرأي”. وكأن النقاش لم يكن حول الدقيق، بل حول من له الحق في الكلام المطحون.
كشفت مصادر إعلامية أن “الجرار” دعا في بلاغه إلى احترام الحصانة التي يتمتع بها البرلمانيون، مذكّراً بالفصل 64 من الدستور، ومؤكداً أن “ردّ فعل بعض لوبيات الفساد لن يثني الأخ التويزي عن ممارسة مهامه”.
لكن السؤال الذي لم يجرؤ البلاغ على طحنه هو:
من طحن من؟ هل اللوبيات هي التي طحنت الخطاب البرلماني، أم الخطاب هو الذي طحَن صورة المؤسسة؟
لغة البلاغ كانت أكثر ليونة من العجين نفسه.
تحدّثت عن “فصل السلط وتوازنها وتعاونها”، وعن “الاحترام الكامل لروح الدستور”، دون أن تلمّح ولو بملعقة إلى مسؤولية الخطاب البرلماني الذي أشعل الرأي العام.
الحزب هنا لا يدافع عن التويزي كشخص، بل عن حقّه في قول ما يشاء دون أن يُسأل كيف قاله.
وكأن البرلمان صار فرنًا للآراء الساخنة، يخبز الشعارات ويقدّمها للمغاربة دون وصفة طبية.
بلاغ “الجرار” أراد أن يبدو حارسًا للمؤسسات، لكنه بدا كمن يقود جرّاره وسط كومة طحين من التبريرات.
حديثهم عن “دولة المؤسسات” جميل في الشكل، لكن المضمون يحكي شيئًا آخر: دولة البلاغات، حيث يُعاد تدوير اللغة بدل المحاسبة، وتُفرز الحصانة بدل العدالة.
في هذه الدولة، الورق يُغسل بدل أن يُراجع، والدقيق يُبرَّر بدل أن يُوزَّع بعدل.
والأغرب أن الحزب استحضر “السيادة للأمة تمارسها بطريقة غير مباشرة عبر ممثليها”، وكأن السيادة تُقاس بكمية الدقيق التي تدعمها الحكومة لا بمدى شفافية النقاش داخل البرلمان.
السيادة الحقيقية يا سادة ليست في الدفاع عن الحصانة، بل في الدفاع عن حقيقة الدعم: أين يذهب؟ من يستفيد؟ ومن يطحن من؟
البلاغ في جوهره ليس دفاعًا عن نائبٍ تعرّض لسوء فهم، بل رسالة تحذير مبطّنة:
“أي مسّ ببرلمانيينا هو مسّ بالدستور”.
لكن المغاربة الذين تابعوا المشهد، رأوا فيه شيئًا آخر تمامًا: مسرحيةً جديدة من مسلسلات “حصانة من ورق”.
فبعد أن شاهدنا من قبل “الريع في عطلة”، و“الفساد في صمت”، و“التضامن الحكومي في غيبوبة”، ها نحن اليوم أمام حلقةٍ عنوانها “الدقيق في البرلمان والورق في المطحنة”.
المفارقة أن كل شيء يُطحن في هذا البلد: اللغة، الخطاب، وحتى الحسّ العام بالمسؤولية.
وفي النهاية، إذا كان “طحن الورق مع الدقيق” يدخل ضمن حرية التعبير، فربما حان الوقت لنطالب بحرية غربلة الحصانة من شوائب السياسة، وحرية عجن الحقيقة دون خوف من البلاغات الجاهزة.
فالديمقراطية لا تُخبز في قاعات اللجان، بل تُطهى على نار الرأي العام .
