PJD Rediscovers the 2011 Constitution… and Calls for Freedoms It Once Forgot in Power
السياسة في المغرب تشبه أحياناً ذاكرةً انتقائية: تنسى عند الحكم، وتتذكّر عند المعارضة.
وحين يصدر حزب العدالة والتنمية بلاغاً يتحدث فيه عن الدستور، والحرية، ومحاربة الفساد، وكرامة الشباب،
يحقّ للمغاربة أن يبتسموا قليلاً قبل أن يصفّقوا كثيراً .

في بيانٍ مطوّل، خرج الحزب الذي قاد حكومتين متتاليتين ليُعلن رفضه “التعديلات الانتخابية التي تقيّد حرية التعبير وتجرّم إبداء الرأي”، مؤكداً أن هذه المقتضيات “تتنافى مع مبادئ الدستور واستقلال القضاء وقرينة البراءة”.
كلام جميل، أنيق، دستوريّ الطابع .
لكن السؤال الصغير الذي يطفو وسط كل هذه البلاغة:
أين كان هذا الحزب عندما كانت الأقلام تُحاكم، والشارع يُطوّق، والحرية تُختزل في شعارٍ انتخابي؟

كشفت مصادر إعلامية أن الحزب نبّه أيضاً إلى فقدان مصداقية الحكومة في تسويق أرقام “فلكية” ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبراً أن هذه الأرقام لا تجد طريقاً نحو التنفيذ، وأن ملف التشغيل فشل فشلاً ذريعاً رغم الوعود المتكررة.
البيان بدا وأنه صدى متأخر لخطاب المعارضة اليسارية التي كان الحزب نفسه يسخر منها قبل سنوات.

في السياسة المغربية، يبدو أن الكراسي تحتفظ بذاكرتها الخاصة: من يجلس عليها يُصاب بفقدانٍ مؤقتٍ في النطق السياسي، ومن يُزحزَح عنها يسترجع فجأة صوت “الحق” وذاكرة “الشارع” .

اللافت في بلاغ العدالة والتنمية أنه دعا إلى إطلاق سراح الشباب المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية الأخيرة.
موقف نبيل، لا غبار عليه .
لكن المفارقة الموجعة أنّ الحزب نفسه كان في يومٍ من الأيام داخل الحكومة حين خرج شباب 20 فبراير للمطالبة بالحرية والكرامة، وكان حينها الصمت هو البلاغ الرسمي .

اليوم، وبعد أربع سنوات من “الصمت المؤسساتي”، عاد الحزب ليُطالب بالحرية وكأنه اكتشفها لتوّه في نصٍّ دستوريٍّ منسي .

من حيث الشكل، البلاغ متين، ومن حيث المضمون يحمل رسالة سياسية عميقة، لكن بين السطور يختبئ سؤال أكبر: هل نعيش صحوة ديمقراطية حقيقية داخل الحزب؟
أم مجرّد مراجعة لغوية قبل موسم الانتخابات؟
في المغرب، عادةً ما تأتي صحوات الضمير الحزبي بعد غروب السلطة .

المشهد السياسي يعيش مفارقة لذيذة: أحزاب الحكومة تتحدث باسم “الدولة الاجتماعية”، وأحزاب المعارضة تتحدث باسم “الحرية والدستور”، والشباب الذين يُفترض أن يكونوا المستفيدين… ما زالوا بين الزنازين والشارع.

في السياسة كما في الطب، هناك أمراض لا تُشفى بالتوبة المتأخرة، بل بالصدق في التشخيص.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version