A National Flavor and an Asian Engine… When Politics Manufactures Industry

الكهرباء في المغرب صارت مادة سياسية قبل أن تكون طاقةً متجددة.
اليوم الوطني للصناعة تحوّل إلى عرضٍ رسمي مملوء بالشحن العاطفي والكهرباء الرمزية، حيث قُدّمت أول سيارة كهربائية مغربية تحمل اسم Dial-E، ووقّعتها شركة نيو موتورز التي يمتلك نصف رأسمالها وزير الشباب والثقافة مهدي بنسعيد.
الحدث بدا وكأنه “قفزة في المستقبل”، لكنّ الأسلاك كانت قصيرة.
فور انتهاء التصفيق، بدأ السؤال الطويل:
هل نحن فعلاً نصنع السيارات، أم نصنع القصص التي ترافقها؟

🔍 من Alibaba إلى Neo Motors
كشفت مصادر إعلامية أنّ نموذج السيارة Dial-E يشبه إلى حد التطابق سيارةً صينية تُعرض في مواقع التجارة الدولية مثل Alibaba، وتحمل اسم Today Sunshine M1-EV.
نفس التصميم، نفس السرعة، نفس المدى، وحتى نفس شكل المقابض والأضواء.
الفرق الوحيد هو الشعار:
استُبدل Today Sunshine بـ Neo Motors، فأصبحت السيارة الصينية مواطِنة مغربية بقرارٍ رمزي، تماماً كما تتحول بعض الملفات الوزارية إلى “نجاحات وطنية” بمجرد إصدار بلاغٍ صحفي.

الابتكار بالتصريح الجمركي
كشفت المصادر ذاتها أن الشركة استفادت من نظام القبول المؤقت للمعالجة الداخلية (ATPA)، الذي يسمح باستيراد منتجاتٍ جاهزة لإعادة تجميعها أو تغليفها محلياً.
وبحسب المعطيات المتوفرة، أُدخلت السيارة ضمن هذا الإطار مع تعديلٍ بسيط في نظام الشحن وتغييرٍ في المظهر الخارجي ووضع الشعار الوطني على الواجهة.
فكرة ذكية إدارياً، لكنها تُعرّي واقعاً بسيطاً:
ما زلنا نصنع الخطاب أكثر مما نصنع المنتج.

من ستة إلى عشرة آلاف دولار… شحنة إضافية من الفخر
وحسب نفس المصادر أن النسخة الصينية تُباع بنحو ستة آلاف دولار، بينما تجاوز سعر النسخة المغربية عشرة آلاف.
الفرق لا يكمن في الأداء ولا في البطارية، بل في البلاغ الرسمي الذي يرافقها.
يُقال إن الهدف هو “تعزيز الصناعة الوطنية وتقليص الواردات”، لكن النتيجة أننا نستورد لنقنع أنفسنا بأننا نصنع.
الفرق بيننا وبين المصنع الآسيوي بسيط:
هو يبيع المنتج، ونحن نبيع الحكاية.

الوزير والمصنع والمشهد
البدء بالتجميع ليس عيباً، فكل الصناعات الكبرى بدأت بمفكّ براغٍ ومفخرةٍ صغيرة.
لكن العيب أن يتحول التجميع إلى بطولةٍ وطنية، وأن تُقدَّم “السيارة” كرمزٍ لنهضةٍ اقتصادية، بينما المكوّن المحلي مازال يبحث عن مقعد في المقصورة.
الوزير الشريك في الشركة مدعو لطمأنة الرأي العام:
كم في Dial-E من المغرب؟
فالصمت، في زمن الإنترنت، صار أقرب إلى اعترافٍ أنيق بلا كلمات. 🔇

خاتمة كهربائية بنكهة الواقعية
Dial-E ليست سوى مرآةٍ صغيرة تعكس حال الصناعة المغربية:
نُبدع في التسويق أكثر مما نُبدع في التصنيع، ونجيد تركيب العبارات أكثر من تركيب القطع.
النجاح الصناعي لا يُقاس بعدد الكاميرات التي تُرافقه، بل بعدد المفكات التي تشتغل في صمت.
ما لم يتحقق ذلك، ستبقى عبارة Made in Morocco إضاءة تجميلية على منتجٍ مطفأ من الداخل، وشعاراً جميلاً فوق بطاريةٍ فارغة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version