Open Letter to the Media and Human Rights Advocates: Save Mohamed Jaroudi from a Slow Death Behind Bars

في بلدٍ يوقّع على المواثيق الدولية لحماية الكرامة الإنسانية، يموت رجلٌ بصمتٍ داخل زنزانةٍ لا تسمع سوى أنين جسده.
محمد الجرودي ليس اسمًا عابرًا في قائمة المعتقلين، بل إنسانٌ قرّر أن يواجه الجدار بجسده، بعدما فقد كل وسائل الدفاع الأخرى.
منذ أكثر من خمسة عشر يومًا، دخل في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، احتجاجًا على الإهمال الطبي والحرمان من حقه في العلاج والتعليم، رغم معاناته من أمراضٍ مزمنة في القلب والضغط، ومرضٍ غامضٍ في الرأس لم تكشف إدارة السجن عن طبيعته رغم توسلات عائلته المتكرّرة.
تقول العائلة بمرارة:

“نخشى أن يكون المرض ورمًا دماغيًا، والمندوبية ترفض حتى أن تُخبرنا بالحقيقة.”

الإضراب عن الطعام… حين يصبح الجسد آخر وسيلة للكلام
مطالب الجرودي ليست سياسية ولا فئوية، بل إنسانية صِرفة:

علاجٌ منتظم وفق توجيهات الأطباء.

غذاءٌ صحيٌّ يناسب حالته.

أدوية في وقتها دون تأخيرٍ أو منع.

حقّه في متابعة دراسته في سلك الماستر، وهو حق يكفله له الدستور قبل أن تمنّ به الإدارة.

لكنّ إدارة السجن، التي يُفترض أنها “إدارة للإصلاح وإعادة الإدماج”، تبدو منشغلة بإدارة الصمت أكثر من إدارة الحقوق.
وحين يُغلق باب الزنزانة، تُغلق معه كل الأبواب الأخرى: باب المعلومة، باب الدواء، وباب الأمل.

بين القانون والواقع… مساحة اسمها الإهمال
الدستور المغربي في فصله 22 يقول:

“السلامة الجسدية والمعنوية لأي شخص لا يجوز المساس بها في أي ظرفٍ من الظروف.”
لكنّ ما يحدث اليوم هو المساس الصريح بالحياة نفسها.
المندوبية العامة لإدارة السجون تُقدّم بلاغات عن الزيارات والمهرجانات، لكنها تصمت حين يُهدَّد إنسانٌ بالموت داخل مؤسسةٍ تحت وصايتها.
أما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فاختار الصمت المهني، وكأنّ الملفات الحقوقية تحتاج ترخيصًا قبل أن تُفتح.

الزنزانة مرآة الوطن
حين يموت سجين بالإهمال، لا يُدان فقط من أغلق الباب عليه، بل من صمت خارجه.
الإعلام الوطني الذي كان يفترض أن يكون سلطة رابعة، صار في بعض اللحظات ظلًّا لبلاغات جاهزة.
والأحزاب التي ملأت الفضاء بشعارات “العدالة الاجتماعية” لم تنبس بكلمة واحدة حين وصل الأمر إلى العدالة الإنسانية.
أما المنظمات الحقوقية، فاختارت “التنديد الآمن” دون أن تُزعج أحدًا.

محمد الجرودي لا يطلب العطف، بل الاعتراف بأنه إنسان.
يطلب فقط أن يُعامل كمريضٍ يحتاج علاجًا، لا كمذنبٍ يستحق النسيان.

نداء مفتوح إلى كل ضمير حيّ
إلى الصحافيين الذين ما زال في أقلامهم رمق من الشجاعة: اكتبوا عن محمد الجرودي قبل أن تكتبوا نعيه.
إلى الحقوقيين الذين صدّقنا يومًا أنهم حراس الكرامة: لا تجعلوا الصمت شركًا في الجريمة.
إلى النواب الذين يرفعون الشعارات تحت القبة: الكرامة لا تحتاج فصلًا في القانون، بل وقفةً في الميدان.
إلى المندوبية العامة لإدارة السجون: ليس المطلوب بلاغًا مطمئنًا، بل حياة إنسانٍ تتهاوى في عهدتكم.

الوقت ينفد… والضمير على المحك
محمد الجرودي اليوم يُصارع الموت بصبرٍ هادئ، في بلدٍ يتحدث كثيرًا عن “إصلاح المنظومة السجنية”، لكنه يعجز عن توفير قرص دواءٍ في موعده.
كل ساعة تمرّ دون تدخل هي خيانة جديدة للإنسانية.
وكل صمتٍ جديد هو توقيعٌ إضافيٌّ على عقد الإهمال.

تطالب عائلة محمد الجرودي بوضوحٍ لا يقبل التأويل:

فتح تحقيقٍ عاجلٍ ومستقل في ظروف اعتقاله ووضعه الصحي.

نقله إلى مستشفى مدني مختصٍّ فورًا لتشخيص حالته.

ضمان حقه في العلاج والتعليم دون أي تمييز أو تعسف.

أنقذوا محمد الجرودي قبل أن تتحوّل القضية إلى مرثية جديدة في سجلّ الدولة الحقوقي.
الحق في الحياة لا يُؤجَّل، ولا يُؤخذ بإذن إداري.
فحين يموت الإنسان جائعًا داخل السجن، تموت معه صورة الوطن خارجه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version