When Bissara Becomes a Diplomatic Argument… and Politics Turns into Collective Digestion

من منصة البرلمان، خرج تصريح لا يشبه شيئًا مما نعرفه في السياسة ولا في الدبلوماسية.
قال برلماني، بكل ثقةٍ وهدوء، إن «سفير الباراغواي قال الصحراء المغربية بعد أن أكل البيصارة في الدار الديالي».
ضحك البعض، صُدم البعض، وابتسم القدر في صمتٍ ساخر، كأنه يهمس: ها قد صارت السياسة طبقًا آخر على مائدة النكتة.
هذا المشهد البرلماني ليس حادثةً معزولة، بل مرآةٌ دقيقة لزمنٍ جديدٍ في الخطاب السياسي المغربي.
زمنٌ لم تعد فيه السياسة خطابًا عقلانيًا بقدر ما صارت عرضًا جماهيريًا يبحث عن التصفيق قبل الإقناع، وعن “الترند” قبل التغيير.
تبدلت لغة القيم بلغة المقاطع القصيرة، وصار البرلمان مساحةً للفرجة أكثر مما هو ساحة للنقاش التشريعي.

في زمن التحول الرقمي… تتحول الجلسات إلى عروضٍ مفتوحة
لم تعد الكاميرات تنقل النقاش العمومي، بل تنقل لحظات التهكم، واللقطات الطريفة، والجمل التي تصنع الحدث بدل أن تصنع القرار.
السياسة اليوم لا تُمارس فقط في المؤسسات، بل في فضاءٍ رقمي يختزل الموقف في هاشتاغ، والرأي في سطر، والبلاد في نكتة.

من البيصارة إلى الباراغواي… رحلة في هضم الجدية
حين تصبح أطباق المطبخ الشعبي جسرًا للدبلوماسية، نفهم أن المفارقة لم تعد لغوية فقط، بل رمزية أيضًا.
ذلك أن الخطاب السياسي فقد توازنه بين الجد والهزل، بين الرسمي واليومي، حتى صار المواطن لا يفرّق بين النائب والكوميدي، ولا بين البرلمان والاستوديو التلفزيوني.

المشكلة ليست في البيصارة… بل في من يقدّمها باسم السياسة.
الوجبة كانت مغربية، لكن الخطاب كان خفيفًا إلى درجةٍ تكشف عمق الفراغ بين المضمون والشكل، بين الممارسة والتمثيل.
وإذا كانت الدبلوماسية تُبنى على المصالح، فبعضنا بات يعتقد أنها تُبنى على الشهية.
في المغرب، تقترب السياسة أحيانًا من المسرح، ويغدو البرلمان خشبةً للعروض أكثر من كونه منصةً للتشريع.
“لحظة البيصارة” ليست زلة لسانٍ عابرة، بل مرآةٌ دقيقة لمرحلةٍ تتداخل فيها الجدية بالسخرية، ويختلط فيها الخطاب الدبلوماسي بالنكهة الشعبية.
حين تتحول السياسة إلى طعامٍ يُستهلك، نكتشف أن الجوع الحقيقي ليس إلى البيصارة… بل إلى المصداقية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version