When a Parliamentarian Confuses Immunity with Image-Cleaning, and Criticism with Defamation

في مشهدٍ يلخّص ارتباك الطبقة السياسية بين الحرية والمسؤولية، أثارت النائبة البرلمانية سلوى الدمناتي عن الفريق الاشتراكي موجةَ جدلٍ تحت قبة البرلمان، بعدما طالبت رئيس المجلس راشيد الطالبي العلمي بـ«توجيه المؤسسات الإعلامية إلى التوقف عن تغطية» قضايا الفساد والمتابعات القضائية التي تطال نوابًا ومسؤولين منتخبين.
طلبٌ غريب في زمنٍ يُفترض أن تُبنى فيه الديمقراطية على الشفافية لا على التوصيات، وعلى الثقة لا على الخوف من الكاميرا.

كشفت الدمناتي، خلال مناقشة الميزانية السنوية لمجلس النواب مساء الجمعة، أنّ حوالي ثلاثين نائبًا يواجهون متابعات قضائية تتعلق بتبديد أموال عمومية.
لكن بدل أن تطالب بتسريع التحقيقات أو تعزيز آليات النزاهة، اختارت أن تلوم الصحافة لأنها كما قالت “تُشوش على صورة النواب”، وهدّدت بالاستقالة احتجاجًا على ما تعتبره تغطية غير منصفة.

مشهدٌ نادر يجمع بين الضحية والمتهم في جملة واحدة، وبين خطاب اليسار التاريخي وصدى “التحكم الإعلامي” الحديث.
فالمرأة التي تنتمي إلى مدرسة الاتحاد الاشتراكي، الحزب الذي وُلد من رحم النضال ضد التكميم، تطلب اليوم كتم الصوت الرابع باسم الدفاع عن المؤسسة التشريعية.
في كل ديمقراطية ناضجة، تُعتبر الصحافة شريكًا في كشف الأعطاب، لا خصمًا سياسيًا يُستدعى لتبرئة الذمة.
وحين تُطالب نائبة برلمانية بتوجيه الإعلام، فهي لا تدافع عن زملائها بقدر ما تُسيء إلى المؤسسة التي تنتمي إليها.
فما يُشوه صورة البرلمان ليس المقالات، بل القضايا نفسها التي تصل إلى القضاء وتُكشف للرأي العام.

برلمانية تخلط بين الحصانة والمسح الإعلامي… وبين النقد والتشهير
الفرق بين الحصانة والاختباء، كالفرق بين النقد والمظلومية.
لكن بعض البرلمانيين ما زالوا يعتقدون أن الحصانة تقي من الأسئلة، وأن المساءلة الإعلامية نوعٌ من التشهير.
سلوى الدمناتي لم تفهم أن الصحافة لا “تمسح” النواب، بل تكشف الغبار الديمقراطي العالق بملفاتهم.
وأن ما يُسمّى بالـ«مسح الإعلامي» ليس سوى مرآة تُعيد إليهم صورتهم كما هي: بلا رتوش ولا ماكياج سياسي.

حين يلتبس معنى الحرية على ممثلي الأمة، تتحول الكلمة من وسيلة مساءلة إلى دليل إدانة،
ويصبح من السهل أن يُختزل الصحفي في تهمة، والبرلماني في “ضحيةٍ إعلامية”.
هكذا يُكتب مشهد جديد من مفارقات السياسة المغربية:
برلمانية تدافع عن الحصانة أكثر مما تدافع عن الحقيقة، وتخاف من السؤال أكثر مما تخاف من الجواب.

وفي زمنٍ صار فيه الوعي الشعبي أسرع من البلاغات الرسمية، يبدو أن بعض السياسيين لم يدركوا بعد أن الشفافية لم تعد خيارًا… بل شرطَ بقاء.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version