From the Battle of Alcácer Quibir to “October 31”… Bensaid Writes History in a Royal Tone, with a Partisan Pen
الوزير الذي يُحب التاريخ أكثر من الثقافة، قرّر هذه المرة أن يُدوّن ملحمة جديدة بعنوان “نصر 31 أكتوبر”، نصرٌ قال إنه يُوازي الزلاقة ووادي المخازن، بل “سيُغيّر مسار منطقتنا بطريقة جوهرية”.
لكن بين معارك السيوف ومعارك الميكروفونات، يطلّ السؤال الحقيقي: من يروي النصر؟ من يصنعه أم من يتحدّث باسمه؟

الوزير المهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، اختار أن يلبس بدلة المؤرّخ في ندوة حزبه بالرباط، بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، قائلاً إن المغرب “يعيش فصلاً جديداً من الانتصارات تحت قيادة الملك محمد السادس”.
عبارات رنّانة تليق بخطاب وطني، لكنها تنزلق أحياناً نحو خطّ حزبي يريد أن يقطف من شجرة الرمزية الوطنية ثمرةً انتخابية.

بنسعيد دعا إلى “ترجمة الانتصارات الدبلوماسية إلى سياسات واقعية”، وهو محقّ في ذلك، لأنّ الانتصار الحقيقي لا يكون في اللغة الأممية، بل في حياة الناس اليومية: في المدرسة، في المستشفى، وفي جيب المواطن.
غير أنّ الخطاب نفسه عاد سريعاً إلى لغة “الأفق التاريخي” و“الواجب الأخلاقي” و“الحلم المغربي الجديد”، عبارات تُشبه كثيراً قاموس البيانات الحكومية أكثر مما تُشبه هموم الشباب الذين قال إنهم “أكثر تعليماً ووعياً من أي وقت مضى”.

اللافت أنّ الوزير، وهو يتحدث عن “تجديد النخب”، كان يُخاطب جيلاً يرى أن النخب لا تتجدّد بل تُعاد تغليفها كل مرة بشعار جديد.
فهل يقصد بنسعيد أن “جيل الزلاقة” عاد فعلاً، أم أنّ “جيل الزليج” هو من يتكلّم الآن، يلمّع الواجهة وينسى القاعدة؟

بين “انتصار 31 أكتوبر” و”قسم المسيرة الخضراء”، تمتدّ مساحة رمزية يريد فيها الجميع نصيبه من المجد، لكنّ التاريخ لا يُكتب في الندوات، بل في السياسات التي تُنجز.
أما الحلم المغربي الذي دعا إليه الوزير، فهو جميلٌ في الورق… فقط يحتاج من يوقّعه بعرق الميدان لا بحبر البلاغات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version