When Patriotism Becomes a Label, and Sovereignty a Marketing Slogan
الصورة التي أرادت الحكومة أن تُقدّمها للعالم كانت براقة: سيارة كهربائية “مغربية الصنع” تُجسّد السيادة الصناعية الجديدة، وتُدخل البلاد نادي المستقبل الكهربائي.
لكن خلف الأضواء، كانت القصة مختلفة تماماً. فالنموذج نفسه يُعرض منذ سنوات في الصين تحت اسم Today Sunshine M1-EV، وبنفس التصميم والمواصفات والمكوّنات تقريباً. الفرق الوحيد هو الشعار… واللغة التي صيغ بها الحلم.
تداولت تقارير إعلامية معطياتٍ عن استفادة المشروع من دعمٍ عموميٍ ضخمٍ جرى تسويقه على أنه “استثمار في المستقبل الصناعي الوطني”.
غير أن الواقع أظهر أن المشروع أقرب إلى استثمارٍ في الصورة منه في الصناعة، وأن “المنتوج الوطني” لم يُصنع بقدر ما أُعيد تغليفه.
بدا الأمر كما لو أن السيادة تحوّلت إلى عملية إعادة طباعة للهوية الصناعية.
وحين تصاعدت موجة الانتقادات، خرج المسؤول بفيديو يقول فيه إن “نسبة الإدماج المحلي بلغت 55%”.
عبارة تُثير أكثر مما تُقنع، وتفتح الباب على سؤالٍ أكبر من البراغي والمكوّنات: هل يُقاس الإدماج بمصدر المعدن، أم بدرجة الصدق في الخطاب؟
في الدول التي تحترم نفسها، مثل هذه الوقائع لا تُواجه بالتصريحات، بل بالتحقيقات. هناك يُسأل كل من خلط بين المنصب والمصلحة، وكل من حوّل الدعم العمومي إلى استثمارٍ خاصٍّ باسم الوطنية.
لأن الصناعة ليست إعلاناً تجارياً ولا مشروعَ صورة، بل عقدُ ثقةٍ بين الدولة والمجتمع. وحين تُخترق هذه الثقة، تسقط شرعية الإنجاز ولو كانت السيارة تُضيء من تلقاء نفسها.
القصة لم تكن عن سيارة كهربائية بقدر ما كانت عن نموذجٍ سياسيٍّ كهربائي، نظامٍ يشحن المشاعر الوطنية كلما انقطعت الطاقة عن الواقع.
نفس الخطاب، نفس الوعود، نفس الأضواء التي تُخفي العجز البنيوي عن الإنتاج الحقيقي.
البلاد لا تحتاج إلى صناعةٍ تُعرض في القاعات، بل إلى صدقٍ يُصنع في المصانع.
فالوطنية لا تُقاس بالشعار على المنتج، بل بالبصمة التي يتركها العامل في التاريخ.
في المغرب، تُصنع الأحلام بالكاميرات، وتُسوَّق الحقائق بصيغة “Made in Morocco”. وحين تُصبح السيادة ماركةً تجارية، تفقد الصناعة معناها… وتفقد الدولة احترامها لذكاء مواطنيها.
