Each Moroccan MP Costs the State 1.59 Million Dirhams… While the Legislative Conscience Is on Permanent Vacation
المؤسسة التشريعية الأعلى كلفةً في تاريخ المغرب الحديث تدخل سنةً ماليةً جديدة بأرقامٍ فلكية ونتائجَ محدودة.
فحسب مشروع قانون مالية 2026، بلغت ميزانية مجلس النواب 668 مليوناً و429 ألف درهم، رقمٌ يفوق ميزانيات قطاعات اجتماعية حيوية، ويعكس مفارقة صارخة بين حجم الموارد وضعف المردودية.
حوالي 94 في المئة من الميزانية مخصّصة لنفقات التسيير (628.3 مليون درهم)، مقابل 6 في المئة فقط للاستثمار (40 مليون درهم).
وبقسمة بسيطة على عدد النواب البالغ 395 عضواً، تصل الكلفة السنوية لكل برلماني إلى 1.59 مليون درهم من المال العام تشمل التعويضات، التنقلات، المزايا اللوجستية، والمساهمات الاجتماعية.
المفارقة أن الجزء الأكبر من هذه الاعتمادات، أي 575.4 مليون درهم، يذهب إلى مشروع “دعم المهام” الذي يغطّي أجور النواب ومصاريفهم، بينما لا يتجاوز ما يُصرف على “العمل التشريعي والرقابي والتقييمي” جوهر الوظيفة البرلمانية 18.6 مليون درهم فقط، أي ما يعادل كلفة مهمة دبلوماسية واحدة في الخارج. أما “الدبلوماسية البرلمانية” فخصّصت لها الميزانية 55.6 مليون درهم لتغطية نفقات السفر، الإقامة، والمساهمات في المنظمات الدولية، فيما حظي “البرلمان الإلكتروني والتواصل” بـ18.9 مليون درهم دون أن يتحقق إلى اليوم الانفتاح الرقمي الموعود أو التواصل الشفاف مع الرأي العام.
كل المؤشرات تقول إن البرلمان المغربي يعيش تناقضًا مزمنًا: كلما ارتفعت ميزانيته، تراجع حضوره السياسي.
النقاشات محدودة، والرقابة شكلية، والمساءلة محصورة في البيانات.
حتى الجلسات التي تُخصّص لتشريع القوانين تتحوّل إلى مهرجانٍ للغياب الجماعي؛ مقاعد فارغة، قاعات شبه صامتة، وقوانين تُمرَّر بأغلبية الغائبين.
النواب الذين يُفترض أن يُحاسبوا الحكومة، صاروا هم أنفسهم في حاجة إلى من يُحاسبهم.
ففي زمن يُعاقَب فيه الموظف على التأخر دقائق معدودة، يغيب برلمانيون لأشهر دون أثر، ومع ذلك تُصرف أجورهم بانتظام، وتُبرَّر غياباتهم بصيغٍ بيروقراطية لا تُقنع حتى أصحابها.
الكلفة السنوية لكل نائب تكفي لبناء عشرات الفصول الدراسية، أو تجهيز مراكز صحية في القرى الجبلية، لكنها تُنفق اليوم على مكاتب فخمة، سفرياتٍ متكرّرة، وتعويضاتٍ سخية مقابل حضورٍ رمزي.
هذه الأرقام لا تُدين البرلمان وحده، بل تُدين نموذجًا كاملاً في إدارة الشأن العام، حيث تتحوّل التمثيلية إلى امتياز، والمحاسبة إلى ترف سياسي.
إنها مفارقة “الدولة الاجتماعية” التي تُموّل الغياب من جيوب الحاضرين، وتُكافئ الصمت على حساب الصوت.
حين تُطوى صفحة الولاية التشريعية، تُطوى معها صفحات الغياب والنفقات دون حسيبٍ ولا رقيب.
البرلماني الذي كلّف الدولة 1.59 مليون درهم في السنة يغادر القبة بنفس الهدوء الذي دخلها، دون أن يُسأل: كم قانوناً قدّم؟ كم جلسة حضر؟ وكم مرة مثّل فعلاً صوت من انتخبوه؟
يبقى الضمير التشريعي في عطلةٍ مفتوحة، بينما المواطن، كالعادة، الحاضر الوحيد في مسرح الغياب.
