A Statement with a Rebel Flavor… When the Vocational Training Office Teaches the Minister a Lesson in Reform

كشفت مصادر إعلامية عن مشهدٍ غير مألوف في علاقة المؤسسات العمومية بأعضاء الحكومة، بعدما أصدر مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بلاغًا ناريًا ردًّا على تصريحات وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، بخصوص “الإصلاح الإداري العميق” و“انتزاع” تدبير المنح من المكتب.

البلاغ الذي حمل توقيع المؤسسة التي تُديرها لبنى طريشة، جاء بلهجةٍ صريحةٍ وعباراتٍ محسوبة، ليعبّر عن استغراب المكتب من تصريحات الوزير التي “لا تعكس الواقع الموثق بالأرقام”، مؤكّدًا أن المكتب تولّى منذ سنة 2017 تدبير المنح في إطار اتفاقٍ واضح مع الوزارة الوصية، وأن التأخر في صرف المنح مرتبط أساسًا بالتحويلات المالية المتأخرة من الوزارة نفسها.

النبرة الرسمية للبلاغ لم تُخفِ طابعه التوبيخي. فقد قدّم المكتب أرقامًا دقيقة تُفنّد رواية الوزير: بين 2018 و2022 لم تُحوَّل أي اعتمادات مالية من الوزارة، ما اضطر المكتب إلى استعمال موارده الذاتية لتغطية ما يقارب 30% من إجمالي المنح، أي حوالي 296 مليون درهم.
ولم يكتف المكتب بعرض الأرقام، بل قدّم رواية كاملة لمسار تدبير المنح، من إعداد اللوائح إلى معالجة الشكايات، ليؤكد أن الخلل لم يكن في التنفيذ بل في التمويل.

الرسالة بين السطور واضحة: الإدارة تُنجز بصمت، والسياسة تُبرّر بالتصريحات. مكتب التكوين المهني رفض مصطلح “الانتزاع”، وذكّر بأن العلاقة بين الطرفين قائمة على اتفاقٍ طوعي منذ البداية.
وأشار بوضوح إلى أن التأخر في انعقاد مجلس الإدارة والمصادقة على الميزانية السنوية يعرقل المشاريع الاستراتيجية، خاصة تلك المرتبطة بخارطة طريق تطوير التكوين المهني.
بلاغٌ كتبه موظفون، لكنه قرئ كبيان سيادةٍ مؤسساتية، فيه من الصرامة ما يربك الخطاب الوزاري المعتاد.

القضية لا تتعلق فقط بمنح المتدربين، بل بنموذجٍ كاملٍ في تدبير العلاقة بين الحكومة ومؤسساتها.
حين تصبح الإدارة مضطرة للدفاع عن نفسها أمام الوزير، يعني أن الإصلاح المعلن لم يصل بعد إلى ثقافة التنسيق ولا إلى احترام مبدأ المسؤولية المشتركة.
الإصلاح الحقيقي لا يبدأ بالميكروفون، بل بالاعتراف بمصدر الخلل، حتى لا تتحوّل الشفافية إلى مجرد بلاغٍ للاستهلاك الإعلامي.

ختم المكتب بلاغه بجملةٍ اختصرت الموقف كله: “لن نقبل أن يُسجَّل اسمنا في سجالات سياسية أو تبريرات غير دقيقة.”
جملة أنيقة لكنها حادة، كتبت بلغة الإدارة وجرأة السياسة، لتذكّر أن بعض المؤسسات تعرف متى تصمت، ومتى تكتب ما يجب أن يُقال.

وفي بلدٍ يقدّس البلاغات أكثر من الأفعال، استطاع مكتب التكوين المهني أن يُعيد للبلاغ الإداري وظيفته الأصلية: قول الحقيقة دون الحاجة إلى خطابٍ سياسي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version