Electoral Reform: Cleaning the Scene Before 2026?
تقديم مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 أمام مجلس النواب لم يكن مجرد لحظة تشريعية عابرة، بل بدا كأنه إعادة ترتيب هادئة للمشهد السياسي قبل دخول المغرب إلى سنة انتخابية تحمل الكثير من الانتظارات.
الإصلاح، الذي قُدّم بلغة التخليق وتعزيز الثقة، ترك وراءه أسئلة أكبر من مواده، وأعمق من تفاصيله التقنية.
منذ السطور الأولى، يتضح أن المشروع يفتح الباب من جهة، ويغلقه بإحكام من جهة أخرى.
فكل من صدرت في حقه متابعات قضائية أو أحكام ابتدائية أو استئنافية في جرائم تمسّ الأهلية الانتخابية يُستبعد من الترشح، بينما تُغلق أبواب العودة نهائياً أمام من صدرت ضده جناية ابتدائية.
هكذا يتحول السجل القضائي من مجرد وثيقة إلى عنصر حاسم في رسم الخريطة القادمة.
وتأتي المادة 57 لتضيف طبقة أخرى من الصرامة، حين تنص على أن كل حكم نهائي بالإدانة يعني الحرمان من الترشح للانتخابات التالية، إلا في حالة استرجاع الأهلية القانونية.
أما المنتخبون الذين سبق عزلهم بسبب مخالفات جسيمة، فقد جرى تمديد مدة منعهم إلى ولايتين انتخابيتين كاملتين.
خطوة تُقرأ على أنها محاولة لضبط المشهد أكثر من أي وقت مضى.
ورغم هذا التشديد، حرص المشروع على إظهار وجه منفتح حين سمح للكفاءات المستقلة بالترشح، لكن بشرط جمع 300 توقيع في الدوائر الكبرى و100 توقيع في الدوائر المحلية.
شرط يبدو في ظاهره توسيعاً للتمثيلية، لكنه في الواقع امتحان كبير لمن لا يملك قاعدة جاهزة أو شبكة دعم قوية.
ومع ذلك، يبقى الاعتراف بإمكانية دخول كفاءات من خارج الأحزاب تطوراً ملحوظاً في المسار التشريعي.
أما موظفو الدولة الذين يشتغلون في مهام ذات تماس مباشر مع المواطنين، فقد ارتفعت مدة المنع بالنسبة إليهم من سنة إلى سنتين، كما مُنعوا من الترشح في الدوائر التي عملوا فيها خلال خمس سنوات بعد مغادرتهم المنصب.
بينما جرى منع الأطر السامية التابعة لوزارة الداخلية من الترشح نهائياً ما داموا في مواقع المسؤولية.
خطوة تعكس رغبة واضحة في فصل الإدارة عن المنافسة الانتخابية، أو على الأقل محاولة فرض هذا الفصل.
المشروع يصل بعد ذلك إلى داخل البرلمان نفسه، معلناً أن أي نائب يُعتقل لأكثر من ستة أشهر يفقد عضويته بقرار من المحكمة الدستورية، وهو إجراء يُقرأ على أنه تجويد لمستوى الأداء التشريعي، وربط للمسؤولية بالممارسة الفعلية للمهام الدستورية. كما تمّ التشديد على حالات التنافي، والتصاريح الانتخابية المزوّرة، وعلى الاستقالات التي قد تُحدث اضطراباً في سير المؤسسة التشريعية، مع إحالة كل حالة مثيرة للالتباس إلى المحكمة الدستورية للبثّ فيها.
في المجمل، يعرض المشروع نفسه كخريطة طريق نحو مزيد من الشفافية وتخليق الحياة السياسية.
لكن القراءة الهادئة تطرح سؤالاً مشروعاً، دون اتهامات أو تأويلات مجانية:
هل نحن أمام إصلاح يعيد الثقة إلى المؤسسات… أم أمام عملية غربلة هادئة تُعيد ترتيب المشهد قبل استحقاقات 2026؟
السؤال مفتوح، والنقاش ما زال في بدايته.

