AMDH Report: A Stark Mirror of Freedoms 67 Years After Morocco’s Public Liberties Laws

تحلّ الذكرى السابعة والستون لصدور أول قوانين الحريات العامة في المغرب، غير أنّ اللحظة لم تحمل ملامح الاحتفال قدر ما أعادت طرح الأسئلة الكبرى حول وضع الحقوق في البلاد.

فبين ذاكرة قانونية ممتدة لسبعة عقود، وواقع اجتماعي وسياسي محتدم، ظهر التقابل جليّاً: نصوصٌ تقدّمت مبكراً… وواقعٌ يزداد تعقيداً كلما ضاق الهامش واتسعت الأسئلة.

كشفت مصادر إعلامية وحقوقية أنّ سنة 2025 كانت إحدى أكثر السنوات إثارة للنقاش حول الحريات، بعدما برزت احتجاجات “جيل زد” كظاهرة اجتماعية غير مسبوقة، خرجت دون قيادة حزبية أو تنظيم نقابي، وبخطاب جديد وسرعة انتشار أربكت الفاعلين التقليديين. وقد شكّل هذا الحراك نقطة تحوّل، ليس فقط في مضمون المطالب، بل في طبيعة التفاعل معه.

وفي هذا السياق، أصدرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي، وهو تقرير حمل لغة هادئة في ظاهرها، لكنّه كشف صورة معقّدة لما آل إليه المشهد الحقوقي.

التقرير وصف سنة 2025 بأنها سنة “تراجع واسع” في حرية الرأي والتعبير، وفي مجال التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات، مستنداً إلى معطيات مرتبطة بتعامل السلطات مع الاحتجاجات، وما رافقها من توترات في بعض المدن.

ووفق ما جاء في الصيغة التي توصّلت بها الجريدة، فإنّ احتجاجات أواخر شتنبر وبداية أكتوبر شكّلت ذروة الاحتقان، حيث شهدت بعض المناطق مواجهات خلّفت إصابات متعددة، في سياق اجتماعي صعب ينعكس فيه الضغط الاقتصادي على الشارع وعلى أشكال التعبير المدنية.

وتحدّث التقرير عن توقيفات طالت عدداً كبيراً من الشباب، من بينهم قاصرون، وهو معطى أثار نقاشاً حقوقياً واسعاً حول طبيعة التعامل مع فئات عمرية حسّاسة.

وأشار التقرير كذلك إلى أنّ عدداً من الوقفات الاجتماعية، سواء المرتبطة بالوضع الاقتصادي أو بملفات مطلبية محلية، جرى تفريقها بطرق اعتبرتها الجمعية “غير متناسبة”، وهو توصيف حقوقي أكثر منه سياسياً، لا يسعى إلى الاتهام المباشر بقدر ما يطرح سؤال التناسب بين الإجراءات والظرفية.

وفي الشق المتعلق بحرية التعبير، أورد التقرير استمرار متابعة صحافيين ومدونين وفاعلين ثقافيين وحقوقيين أمام القضاء، وهي معطيات تختلف التقييمات حولها بين الجهات الرسمية والحقوقية، لكنها مع ذلك تؤشر إلى أنّ النقاش حول حرية التعبير ما يزال محتدماً في المغرب، خصوصاً في ظل انتشار المنصات الرقمية وتنامي الدور الاجتماعي للمحتوى.

أما بخصوص الحق في التنظيم، فقد لفتت الجمعية إلى عراقيل تواجهها بعض الجمعيات عند تجديد مكاتبها أو عقد جموعها العامة.

وذكرت أسماء جمعيات حقوقية ومهنية عرفت ملفاتها نقاشاً خلال السنة السابقة، معتبرة أنّ استمرار هذه الوضعية يتطلب مراجعة إدارية وقانونية لضمان الانسجام بين النصوص والممارسة.

وطالبت الجمعية، في ختام تقريرها، بانفراج سياسي يخفف من حدّة التوتر الاجتماعي، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفيات مرتبطة بالتعبير والاحتجاج، إضافة إلى مراجعة بعض المقتضيات القانونية ذات الصلة بحرية التعبير، وفتح تحقيقات شفافة في بعض الأحداث التي شهدتها أشهر الخريف الماضي، بما يضمن وضوح الصورة أمام الرأي العام ويعزز الثقة في المؤسسات.

إنّ قراءة التقرير لا تستهدف الحكم المسبق على مؤسسات الدولة، ولا تستهدف تضخيم الصورة؛ بل تضع أمام الرأي العام مرآة تُظهر مفارقة لافتة: قوانين عمرها 67 عاماً أرست أساساً صلباً للحريات، لكنّ الواقع اليوم يفرض من جديد سؤال التوازن بين استقرار الدولة وحقوق المواطنين، بين متطلبات النظام العام وتطلعات الجيل الجديد، بين نصوص تُحتفى سنوياً… ومساحات تعيش على إيقاع التوتر.

ويبقى السؤال، رغم اختلاف القراءات:
هل نحن مقبلون على انفراج سياسي يُعيد ترتيب الثقة؟
أم أن السياق الحالي سيدفع نحو البحث عن توازنات جديدة تُصاغ من الشارع إلى المؤسسات لا العكس؟

فالقوانين تُكتب في المدونات، نعم؛ لكن الحريات الحقيقية تُكتب في جودة الممارسة، واتساع المجال العمومي، وقدرة المجتمع على التعبير دون خوف من إساءة التأويل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version