Scene of “Fraqachia”… Growing Irregularities and Questions Looking for Answers

المغرب يعيش اليوم لحظة غريبة، تتكرر فيها نفس الإشارات في أكثر من قطاع، وتتقاطع فيها تفاصيل عديدة رغم اختلاف الملفات. وفي كل مرة، يعود السؤال نفسه: هل ما يقع مجرد اختلالات متفرقة، أم أننا أمام نمط إداري ومالي يحتاج إلى توضيحات أوفى مما يصل المواطن عبر البلاغات والتصريحات؟

تعبير “الفراقشية”، الذي كان يبدو شعبياً وبسيطاً، صار يتردد داخل البرلمان نفسه، وكأنه لغة جديدة لمحاولة وصف وضع لا تساعد المعطيات الرسمية على فهمه بالشكل الكافي. وهنا يبدأ الشك المشروع: هل نحن أمام أخطاء عادية يجري تصحيحها، أم أمام طريقة تدبير تُفرز نفس النتائج في عدة قطاعات؟

المشهد العام يطرح تناقضاً واضحاً: ملفات كثيرة تخرج للعلن، لكن الشرح الرسمي يبقى جزئياً أو غير مفصل.

فالمواطن يسمع كل موسم عيد عن تضارب الأرقام في ملف دعم الأغنام، وكيف تتغير التقديرات وتختفي التفاصيل. ويسمع أيضاً عن ارتفاع كلفة الخدمات الصحية بالمصحات، وعن حالات تحتاج إلى مراجعة آليات المراقبة والأسعار. وفي كل مرة يرتفع النقاش حول الدواء، تعود نفس الأسئلة: أين النقص؟ أين الزيادات؟ ما هي الشركات المعنية؟ وما الذي تغيّر فعلاً؟ أما برامج الدعم الاجتماعي، فتبقى واحدة من أكثر الملفات التي تحتاج إلى توضيح طريقة الاستهداف، ومسارات الصرف، ومعايير الاستفادة. ويأتي ملف التعيينات ليزيد التساؤلات، حين تتكرر نفس الأسماء أو نفس المسارات التقليدية، دون رؤية واضحة للمعايير المعتمدة. ولا يمكن تجاهل قطاع الحراسة والخدمات، الذي أصبح مجالاً واسعاً لتداول الصفقات بشكل يستحق الشرح وإبراز طرق تدبيره ومرجعيته.

كل هذه الملفات تُناقش علناً، سواء داخل البرلمان أو عبر المنابر الإعلامية أو على وسائل التواصل، ومع ذلك يبقى الإحساس العام بأن المعطيات غير كافية لفهم الصورة كاملة. فأين التقارير التفصيلية؟ أين لوائح الصفقات؟ أين الشرح المرتبط بأرقام الدعم؟ وأين الإجابة عن الأسئلة التي يكررها الناس؟

وحين يغيب هذا الوضوح، يظهر ما يمكن تسميته بـ”دخان الدولة”: خطاب عام يغطي التفاصيل الدقيقة، لجان تُعلن ولا نرى نتائجها منشورة بوضوح، بلاغات مطمئنة لكنها لا تدخل في عمق الأرقام، وتصريحات تحاول تهدئة النقاش دون أن تقدم المعطيات التي ينتظرها الرأي العام.

وهذا النوع من الضباب يجعل المواطن يسمع الكثير… لكن يفهم القليل. يرى الحركة… دون أن يرى الاتجاه. ويلاحظ أن الملف الذي أثار نقاشاً كبيراً اليوم، قد يصبح بعد أسابيع مجرد خبر ثانوي لا يُتَابع فيه أي تقدم أو توضيح.

الخطير في المرحلة الحالية ليس كثرة الملفات، بل تشابهها بشكل يثير الانتباه: نفس الأسئلة، نفس الإحساس بالغموض، نفس غياب الأرقام الدقيقة، ونفس طريقة تدبير النقاش العمومي. وحين تتشابه الأنماط في قطاعات مختلفة، فهذا يعني أن الأمر يحتاج إلى أكثر من حلول ظرفية أو بلاغات تفسيرية.

المغرب اليوم في حاجة إلى جرعة كبيرة من الشفافية، لا من باب الاتهام أو التشكيك، بل من باب تعزيز الثقة وترتيب الأولويات. البلد يحتاج أن تُنشر المعطيات كما هي، وأن تُشرح السياسات العمومية بطريقة مبسطة وواضحة، وأن تُعرض مسارات الدعم وتدبير الصفقات، وأن تظهر نتائج اللجان، لا فقط إعلانها.

فلا أحد يريد الاصطدام أو خلق خصومات سياسية، بل الجميع يبحث عن الوضوح الذي يسمح ببناء الثقة وتجاوز اللبس. الوضوح هو أبسط حق… وأقوى وسيلة لحماية المؤسسات، وليس العكس.

وفي النهاية، يظل صوت الناس، مهما تغيّرت الظروف، متمسكاً بقاعدة بسيطة: “الشفافية… أقل ما يمكن.”

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version