A Tax System That Knocks on the Weak and Bows to the Strong: Lekjaa’s Social Economy

خطاب فوزي لقجع حول الجبايات قدّم نموذجاً واضحاً لطريقة اشتغال الدولة حين يتعلق الأمر بالضريبة: لغة قوية عن “العدالة”، نبرة واثقة عن “المساواة”، وأسلوبٌ مُحكم يجعل الضريبة تبدو كأنها أداة مثالية لتصحيح الفوارق. لكن بين سطور الخطاب، يظهر الوجه الآخر لمنظومةٍ لا تتوزع أثقالها بالعدل نفسه: ضريبة تسهُل على الضعفاء… وتلين أمام الأقوياء.

الوزير استعرض مسار الإصلاح الجبائي كما لو كان عملاً وطنياً توافقياً: مناظرتان، خلاصات، ثم قرار حاسم بتوسيع الحجز في المنبع.

هذا الإجراء، رغم أناقة تقديمه، يستهدف أول ما يستهدف الفئات التي يسهل الوصول إليها: الأجراء، الموظفون، المقاولات الصغيرة والمتوسطة، العاملون المهيكلون… أي الذين لا يملكون القدرة على المناورة أو خلق التملص.

الدولة تعرفهم، تراقبهم، وتستخلص منهم الضريبة قبل أن يفكروا حتى في طريقة صرف أجرتهم. إنها عدالة محاسباتية… وليست عدالة اجتماعية.

في المقابل، توجد مناطق كاملة من الاقتصاد تعمل كجزر معزولة، تُحيط بها امتيازات غير معلنة أو فراغات قانونية أو أعراف راسخة. الريع العقاري، الأنشطة غير المهيكلة، مناطق النفوذ الاقتصادي، القطاعات التي تُمنح لها إعفاءات تحت مسميات “التحفيز” و“التنافسية”. وحين يصل النقاش إلى هذه المناطق، يصمت الخطاب ويتكلم التبرير. العدالة هنا ليست شاملة، بل انتقائية، وتكلفتها موزعة عمودياً: من الأسفل إلى الأعلى.

لقجع قدّم توسيع الحجز في المنبع على أنه توسع في العدالة. لكنه في جوهره توسع في السهولة: نأخذ ممن نصل إليهم، لا ممن يجب أن نصل إليهم.

القرار يشمل شركات تصل معاملاتها إلى 50 مليون درهم. وهذا يعني شيئاً واحداً: الدولة تبني الإصلاح الجبائي على حساب الطبقة التي تملك أقل هوامش وموارد، وتترك هوامش واسعة حيث تتركز الثروة الحقيقية وتتحرك مصالح أكبر.

التناقض يصبح أوضح حين نقارن هذا التشدد “الجبائي” مع سخاء الإعفاءات في مجالات أخرى: الرياضة التي نالت امتيازات واسعة، بعض القطاعات الاستثمارية التي تحصل على تحفيزات خاصة، مشاريع تُعفى باسم التنمية، بينما المواطن العادي يؤدي ضريبة الدخل حتى على دخلٍ بالكاد يكفي للمعيش. كأن الدولة تقول: “العدالة للجميع”… لكن قواعد اللعبة ليست واحدة للجميع.

المشكلة ليست في الضريبة كأداة المشكلة في الفلسفة التي تتحكم في توزيعها، ضريبة عادلة هي تلك التي تقتطع من مواقع الريع قبل أن تقتطع من جيوب الأجير.

وهي التي تطارد الثروة قبل أن تطارد الراتب. وهي التي تقيس المساهمة بقدرة الأداء، لا بحجم الانضباط الإداري. إذا كانت العدالة الجبائية تبدأ مع المنضبطين وتنتهي قبل الوصول إلى المتمكنين، فهي ليست إصلاحاً… بل إعادة إنتاج للفوارق نفسها التي تدّعي معالجتها.

السؤال الذي لم يقله لقجع في خطابه: من يموّل الدولة فعلياً؟ إذا كان الجواب هو الأجير، والموظف، والمقاول الصغير، فإن العدالة الجبائية تصبح مجرد عنوان. أما إن أرادت الدولة حقاً عدالة في الجباية، فعليها أن تقلب الخريطة: تبدأ من الريع، وتمر عبر الامتيازات، وتصل إلى كل جيب محميّ بقانون أو نفوذ أو فراغ تشريعي.

خلاصة هذه الحلقة أن العدالة الجبائية كما تُقدَّم اليوم من طرف الحكومة تبدو جميلة في النص، لكنها ثقيلة في الواقع. تزيد الضغط على الفئات المنظمة، وتترك الفئات المحمية في منطقة رمادية. ترتفع الموارد، لكن يرتفع معها الشعور بعدم المساواة. إنها عدالة تطرق أبواب الضعفاء… وتتنحّى بأدب أمام أبواب الأقوياء.

نلتقي في الحلقة الخامسة… حيث نضع الدولة الاجتماعية تحت المجهر:
هل هي حقاً إنجاز بـ “11 مليون مستفيد” و”35 مليار دعم”؟
أم مجرد واجهة لواقعٍ يبحث فيه المواطن عن أثر… ولا يجد سوى الوعود؟

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version