The Social State Between Shining Figures and Fading Reality: Lekjaa’s Human Economy

لم يكن خطاب فوزي لقجع حول الدولة الاجتماعية مجرد عرض مالي عادي؛ كان أشبه بضوءٍ قوي يُسلَّط على أرقام تلمع في السماء:
11 مليون مغربي انتقلوا من “الرميد” إلى “التغطية الصحية الإجبارية”، 35 مليار درهم موجّهة كدعم مباشر للأسر، ومليارات مخصَّصة للصحة والتعليم والسكن.
لوحة مالية متكاملة توحي بأن المغرب يقف أمام نموذج اجتماعي جديد ومكتمل.

لكن ما إن يخفت هذا الضوء حتى يظهر الوجه الآخر للمشهد:
أرقامٌ تتحرك بسرعة الخطاب السياسي…
وخدمات تتحرك ببطء الإدارة المغربية.
الدولة الاجتماعية كما يقدّمها لقجع تبدو مشروعاً محاسباتياً محكماً، لكن أثرها الواقعي ما زال يبحث عن طريقه نحو حياة الناس.

الانتقال السريع لــ 11 مليون شخص من “الرميد” إلى “AMO” رقم مذهل على الورق، لكنه مربك على الأرض:
أسر لم تفهم شروط التسجيل الجديدة، أسماء اختفت من السجلات، مواطنون يدخلون المستشفيات بدون موعد واضح، ومراكز صحية تستقبل الوافدين بنفس الإمكانيات القديمة.
الانتقال كان سريعاً… لكن الأثر يمشي بخطى ثقيلة.

الأمر نفسه يظهر مع 35 مليار درهم من الدعم المباشر.
الرقم قويّ ومُقنع، لكنه يترك أسئلة أكبر خلفه:
من استفاد فعلاً؟
هل تغيّرت القدرة الشرائية؟
أين انعكس هذا الدعم في أسعار السوق؟
ولماذا اعترف لقجع نفسه بأن جزءاً من الدعم يمر عبر “السوق” قبل أن يصل إلى الأسر، وكأن السوق أصبح وسيطاً اجتماعياً بدل الدولة؟

لقجع قدّم الدولة الاجتماعية كمسار طويل من التراكمات.
لكن هذا المسار يخفي تناقضاً جوهرياً:
حين تتحرك الدولة ببطء، تتحرك الأزمات الاجتماعية بسرعة أكبر.
وحين تنشغل الحكومة بالمراسيم واللوائح، ينشغل المواطن بالمدرسة المكتظة، والمستشفى الناقص، والدواء الغائب، وفاتورة الماء والكهرباء التي ترتفع بلا تفسير.

الميزانيات ترتفع، نعم، لكن جودة الخدمات ترتفع بتثاقل.
والفقر يتراجع في الرسوم البيانية، لكنه يُعاد إنتاجه يومياً في المتاجر، وفي النقل، وفي الفوارق المجالية التي تكبر بصمت.

الوزير أكّد أن المسار الاجتماعي “اختيار ملكي” وأن الحكومة تنفّذ.
لكن التنفيذ يمر عبر بيروقراطية لا تشارك الخطاب سرعته.
فحين نتحدث عن “ملايين المستفيدين”، لا نرى دائماً هذه الملايين في أقسام المستعجلات، ولا في المدارس العمومية، ولا في مسارات العلاج.
الأرقام موجودة…
لكن الأثر ما زال غائباً.

الدولة الاجتماعية ليست مجرد دعم مالي، ولا مجرد بطاقة صحية، ولا مجرد مدرسة عمومية.
إنها قبل كل شيء شعور بالإنصاف:
أن يجد المواطن خدمة، أن يشعر بأن الدولة تقف إلى جانبه، لا أمامه.
وهذا الشعور لا يصنعه الخطاب… بل تصنعه الخدمة.

خلاصة هذه الحلقة:
لقجع قدّم أرقاماً كبيرة…
لكن المغرب ما زال يبحث عن أثر هذه الأرقام.
قدّم وعوداً…
لكن المواطن ينتظر نتائج.
وبين الوعود والنتائج، توجد المسافة التي يحاول المغرب تقليصها منذ سنوات… دون أن تصل بعد إلى الحدّ المطلوب.

نلتقي في الحلقة السادسة والأخيرة، حين نرفع الستار عن “العقل المالي” الذي يرسم ميزانيات المستقبل:
عندما يصبح لقجع مهندس الاستمرارية…
ويصبح البرلمان مجرّد شاهد على الهندسة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version