Tahraoui Says “We Deal with Companies”… Yet His Legal Defense Hides Questions of Ownership and Influence
لم يمرّ تصريح وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، أمام لجنة القطاعات الاجتماعية مروراً عادياً. فحين قال بثقة: “نحن نتعامل مع الشركات وليس الأشخاص”، بدا كمن يقدم جواباً نهائياً لا يحتاج إلى نقاش. لكن الجملة التي أرادها فاصلة تحوّلت سريعاً إلى شرارة جديدة، لأنها تفتح الباب على السؤال الذي حاول الوزير تجاوزه: ومن يقف فعلاً خلف هذه الشركات؟
فالقطاع الصحي يعرف جيداً أن الشركات ليست كيانات طافية في الهواء، ولا تتحرك وحدها. الشركات تتحرك بمن يملكها، بمن يديرها، وبشبكات النفوذ التي تراكمت عبر سنوات داخل المنظومة. لذلك فإن القول بأن الوزارة “لا تتعامل مع الأشخاص” لا يلغي حضورهم، ولا يمنع تأثيرهم، ولا يقطع خيوط المصالح التي قد تمتد داخل صفقات بملايين الدراهم في قطاع يُعدّ من أكثر القطاعات حساسية في المغرب.
التهراوي قدّم مقاربة قانونية صرفة: الشركات تخضع للقانون التجاري، والصفقات تُعلن مسبقاً، والمراقبة المالية قائمة. كلام منضبط، لكنه يظل جزئياً، لأن البرلمان لم يستدعه ليستمع لتعريفات قانونية، بل ليستوضح ما إذا كان أشخاص بعينهم—ممن راكموا مواقع داخل القطاع لسنوات—قد يجدون لأنفسهم منفذاً غير مباشر داخل “الشركات” التي تفوز بالصفقات.
ومن هنا، يصبح استدعاء الوزير، بطلب من الحكومة، خطوة تتجاوز التواصل الروتيني. إنها محاولة لاحتواء نقاش يتوسع يومياً حول الشفافية، وملكية الشركات المتعاقدة، ومدى استقلالية منظومة الترخيص القديمة، وقدرة الإصلاحات الجديدة على الحد من تضارب المصالح.
ورغم تقديمه تفاصيل تقنية حول صفقة البوتاسيوم، وتأكيده أنها أسندت لشركة محلية منتجة لا لشركة مستوردة مؤقتة، ظل السؤال الأساس قائماً: هل تكفي معرفة “الشركة” دون معرفة “مالكيها”؟ وهل يكفي الشكل القانوني لحماية المنظومة من تأثيرات غير مرئية، خصوصاً في سوق يلتقي فيه الاقتصادي بالصحي، والتقني بالسياسي، والشبكات بالقرارات؟
خطاب التهراوي بدا مطمئناً في ظاهره، وقانونياً في بنيته، لكنه ابتعد عن جوهر النقاش: من يملك الشركات؟ من يديرها؟ ومن يمكن أن يستفيد من قربها من القرار الصحي؟
فغياب هذه الأجوبة يجعل الثقة في المنظومة الدوائية رهينة بتفاصيل غير مُعلنة، لا تحسمها المساطر وحدها ولا تحددها بوابة الصفقات العمومية.
وهكذا، بينما قال التهراوي إن “التعامل مع الشركات” يكفي لإبعاد الشبهات، بدا وكأنه يترك الباب موارباً أمام سؤال أكبر:
إذا كانت الوزارة تتعامل مع الشركات… فمن يتعامل مع الشركات نفسها؟
وأي نفوذ يتحرك خلف الواجهة القانونية التي تبدو محكمة، لكن الواقع يُظهر أنها ليست دائماً كافية؟
